ملامحك ينبثق منها الصفاء، وابتسامتك لاتفارق محياك، وطيبك يلامس أعلى درجات الأفق، وملافظك تنطلق منها السعادة، وحبك للخير تجاوز الممكن، ونظرتك للحياة فيها الجمال، كنت هكذا حتى آخر مغيب شمس ذلك العام المبارك، كنت هكذا حتى تبدلت الأمور من داخل فكرك المرهق وتعدت مكامن دواخلك إلى العلن إلى أنفس لاتعرف المحبة، وأبصار لاترحم، وأسماع تتلهف السوء، وتتلذذ بحروفه الصغيرة قبل جمله الواسعة. فبعض الناس ياسيدي لا يرجو الخير، ولا يسعى إليه أبدا هكذا خلقها مالكها في صور شريرة وفي أجساد خبيثة، وأنفاس كريهة، ومآرب مقيتة. وهم يلاحظون المشهد ويأملون أن تسود الكراهية، ويزداد السوء، ويكثر الشر بين الورى، وأنت أيها الباهي إما أن تكون بأعمالك المأمولة مخيبا لمقاصدهم المؤلمة، أو تكون معينا لمبتغاهم البغيض في حال تعثرك. فتنبه يامحب فما زال في الزمن بقية، وفي الوقت متسع، وفي الأمر أمل يفوق الواقع، فهل تضاعف عزيمتك، وتحزم أمرك، وتصعد بهمتك عنان السماء. نعم أيها الباهي فأنت والله ثم والله تستطيع أن تعمل وتعمل مايفرحنا ويحزنهم.
لايحزنك شيطان رجيم، ولا يحط من عزيمتك محبط مغرض، ولا يخذلك متهاون ذليل. وأنت في ماضيك تجاوزت للكثير الصعاب، وحطمت العتيد من الأغلال، وأذبت المحكم من القيود. انهض أيها الباهي من ضيق كربتك، وهمك، وحزنك فأنت كنت للكثير يوما من الأيام مثالا للقوة والقدرة، مثالا للهمة والجرأة، كان لايعجبك في هذه الحياة الإنسان المتخوف، ولاتؤيد في كل الأحوال الإنسان الضعيف. وترى أن الحياة معترك للرجل المتمكن، معترك للرجل الجسور. ترى أن التفاؤل مفتاح السعادة. وكنت تؤكد على الدوام أن لاتقف العوائق في طريق مثابر، وأن لا تزاحم العراقيل خطى مجتهد. وأن لا تحد الظروف مهما بلغت طموحا. فكان على خطاك القوية والمتينة الكثير من المثابرين علمتهم جميعا أم لم تعلم. أيها الباهي نحن ننتظرك على سلم المجد مرة أخرى فغيرنا من الراغبين يريدون أن يرتقوه كما ارتقيناه معك من قبل ولكن بحضورك أيها المبدع، وبروحك الجميلة، وأخلاقك القديرة، وابتسامتك الناظرة، وكلماتك الساحرة، بعد توفيق من الله تعالى ونحن في انتظارك فأرجوك انهض.. انهض.. انهض من كبوتك أيها الباهي.
سبحان الذي يغير ولايتغير….
نسأل الله الثبات على أحسن الأخلاق…
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت