المقالات

كن داعمًا إيجابيًّا، ولاتكن مثبطًا سلبيًّا

حينما قرأت هذه العبارةأثرُ الموقف دائمًا يُعاود الظهور، إما سرًّا في دواخلنا، أو علنًا في ملامحنا، أو ردَّات فعلنا، وحتى في لحظات شرودنا، هناك دائماً عودة للأثر، الأثر لا يُغادر أحدًا.”

تذكرت مواقف دراسية استوقفتني وهي:

الموقف الأول: أخبرني أخي يومًا أن معلم مادة الإنشاء والتعبير منحه الدرجة (89) من (100)، وحينما سأل معلمه بلطف عن ذلك، حيث كانت الدرجة الوحيدة (جيد جدًّا) مقابل باقي درجاته، أجاب المعلم: إن تقدير (ممتاز) يحصل عليه فقط العقاد وطه حسين، وأمثالهم من الكتاب الكبار فقط.

الموقف الثاني: حصل شخص في أحد المقررات الدراسية على درجة (100)، فكانت تهنئة أحدهم له بقوله: لا أحد يستحق (100)!

الموقف الثالث: حينما كنت أستمع للراديو في أحد البرامج الإذاعية.. ذكر متصل أنه كان ينجح بتفوق خلال سنوات دراسته ويحصل على المركز الثاني، وحينما يأتي مخبرًا والديه كانا يعاتبانه بهذه الكلمات: لماذا لم تحصل على المركز الأول؟ لماذا لم تستطيع أن تتجاوز زميلك؟ …إلخ وهكذا تنطفئ سعادته، مردفًاذلك بقوله: كنت أشعر أنني أرسب في كل عام من عبارات التأنيب التي أتلقاها، فلم أتذوق فرحة النجاح مطلقًا طوال سنوات دراستي.

إن القارئ لما سبق من مواقف دراسية قد يراها بسيطة، لكن يا صديقي بنظرة فاحصة لأثرها فهو عميق بما يكفي، ودليل عمقه بقائه في الذاكرة يعاود الظهور ما بين حين وآخر. وأرى أن تعليقي الشخصي عليها بما يلي:

أولًا: المقررات الدراسية تحتوي على متطلبات ومعايير تقييم تتناسب وخصائص النمو في كل مرحلة دراسية، وبالتالي متى ما أوفى الطالب بهذه المتطلبات كاملة، وجبت له الدرجة (100).

ثانيًّا: ماذا تعتقد أيها الفاضل أن يكون عائد العتاب والتأنيب عند استلام النتيجة، أو الإشارات المبطنة التي تشير أنك لا تستحق الدرجة وأن قدراتك كطالب أقل.. في كثير من الأحيان لن يتحسن المستوى، بل بالعكس قد تكون النتيجة قلة الثقة بالقدرات الفردية؛ وخاصة إن كان الطالب في مرحلة تشكيل هوية وبناء ذات.. وبالطبع فإنني لا أعني عدم مناقشة الطلاب في مستوى جهدهم، ولكني أعني انتقاء الكلمات والوقت المناسب مثل بداية العام الدراسي ووسطه لإثارة الهمة.

ثالثًا: خلق الله البشر بقدرات متفاوتة ومتنوعة ما بين مرتفعة ومنخفضة في المجالات المتعددة، فقد يبذل طالب أقصى ما لديهفي مجال ولا ينال (ممتاز)، هذا لا يعني أنه غير مجتهد بل إن البعض منهم هذا أقصى قدراته، لذا لطفًا علينا أن نساعده على اكتشاف إبداعه، وأي المجالات التي يتقنها أكثر من سواها.. قالصلى الله عليه وسلم:) اعمل؛ فكل ميسر لما خلق له).

رابعًا: الدرجات ليست هي المحك النهائي لقدرات الإنسان. أعتقد أن معيار الحكم على الإنسان في العمل هو: المهارات الشخصية بجانب المهارات الأكاديمية، وبالتالي فالمهارات الأكاديمية ليست كافية وحدها فقد يقبل في أحد الوظائف من هوذو تقدير (جيد جدًّا لأن لديه مهارات أكاديمية بالإضافة إلى مهارات شخصية وثقة بالنفس ولباقة تحدث ومهارات حل مشكلات…إلخ، وقد لا ينال الفرصة شخصًا ذي تقدير أعلى لأنه لا يملك إلا ما حفظه من المقررات بدون أي تفعيل في جوانب الحياة العملية.

خامسًا: الجميع بلا استثناء يسعدون حينما يجدون الدعم والتأييد والتأكيد لهم بأنهم أبلوا بلاءً حسنًا. وقد سُئلت المذيعة العالمية أوبرا وينفري في برنامجها الشهير عن أكثر شيءيرغبه الناس ابتداء من أبسط موظف إلى أعلى منصب استضافته في برنامجها، فكانت إجابتها: أن الجميع كان يسألها فور انتهاء الحلقة عن أدائهم وهل أبلوا بلاءً حسنًا.

أخيرًا: خلال هذه الأيام بإذن الله- سنطلع على درجات أبنائنا وأخوتنا وذوي قرابتنا وأصدقائنا.. فأدعوكم لمشاركتهم إنجازهم وفرحتهم بنجاحهم ودعم ثقتهم، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم. تذكر يا صديقي أن الدعم يدفع للإنجاز والنجاح يدفع للنجاح دومًا. حان الوقت للتحرر من الفكر السلبي المحبط.

وأختم بتحية إجلال وتقدير لكل المعلمين والمربين الذين حملوا وطبقوا شعار(المرونة) في التعامل مع طلبتهم وأبنائهم.. وشكر عميق لكل قلب إنساني شعر بما يمر به بعض الأبناء خلال هذه الأزمة من بعض التفاوت في الاستقرار النفسي فكان داعمًاوميسرًا ودافعًا للأفضل.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button