تُحسن الظن فيه أكثر مما هو يتوقع لنفسه، وأكثر مما هو يتنبأ من نفسه، تأمل له كل الخير وتسعى إليه أينما كان بين مختلف المشارب، ومهما حصل من إحراجات عديدة، ومهما تواجه من عقبات متفرقة؛ في سبيل تحقيق رغباته .. وبلوغ غاياته .. تُهيىء له الفرص الممكنة وغير الممكنة .. تعامله كأقرب صديق إلى نفسك، بل تعده كأخ لك لم يربطك نسب به يوما، ولن يربطك أبدا .. تقربه إلى دواخلك وتشرح له تفاصيل معظم مايطوف في خيالك المتوقد من آمال سامية تنشدها بشدة، وطموحات مشروعة تأملها بقوة؛ علَّه أن يبادلك الشعور المسؤول ولكن هيهات، وتفضفض له عن كل ما يعتريك من آلام عابرة، وكل ما يصادفك من هموم مؤقتة عساه أن يخفف عنك بعض متاعبك المؤلمة ولكن كالمعتاد لايسمع، ولايرى، ولا يتكلم وفي المجمل لايعنيه..! وكل هذا بعد أن أقسم (والله)، و(بالله)، و(تالله) أنه يحبك، ويقدرك .. بعد أن أقسم لك اليمين تلو اليمين أنه لن يخونك .. بعد أن أقسم بخالقه أن لن يخذلك، وبعد، وبعد، وبعد، وما أكثرها. تجاوز الكذب في حديثه، وصل إلى اللغط في ثرثرته، صعد إلى الأفق البعيد في فجوره. ما أسوأ خلقه فقد سقط .. ما أسوأ صنيعه فقد هوى .. ما أسوأ فعله فقد غوى. صَاحَب السوء في أدنى منازله .. وصادق المكروه في أسوأ أماكنه، ونزل بعمله المعيب إلى قيعان من الدناءة، والخسة، وقلة المروءة.
مريض تجاوز الوصف في درجات مرضه، شكاك فاق التصور في أشكال شكه، معتوه تعدى حدود العَته في حقيقته. تعتريه الهواجس من أعلاه إلى أدناه .. تحيطه الأوهام من أقصاه إلى أقصاه .. تخالطه لوثات عقلية مستمرة لا بداية لها ولا حتى نهاية. لا تعرف له طريقًا واضحًا؛ لتمضي وإيَّاه، ولا تعرف له طريقة مثلى؛ لتتعامل معه، ولاتعرف له شخصية ثابتة؛ لتحدد طبيعتها وفي واقع الأمر تُشفق عليه وتدعو له بالشفاء العاجل بعد أن تتعجب كثيرا، وبعد أن تستغرب منه أكثر. فمثله مريض يحتاج إلى طبيب ولكنه لا يدرك، ومثله متأرجح يحتاج إلى حكيم ولكنه يكابر، ومثله مؤذٍ يحتاج إلى مُصلح ولكنه لا يعترف. شفاه الله!! أعياه سواد الغرور؛ فأرهقه .. شفاه الله!! أعياه ظلام الجهل؛ فأهلكه .. شفاه الله!! سقط في أوحال الوهن فأغرقه. تحتار وتُرهق في التعامل مع توصيف أحواله، هو أقرب إلى الطيش في غالب تصرفاته .. هو أقرب إلى السفه وقت اختلال عقله، هو أقرب إلى الجنون وقت انفصامه. وفي حال سكونه القليل جدا يخدع في ظاهره فكأنه يفوق الحليم في وصفه، وكأنه يفوق العاقل في هيئته وهذا لمن لم يعاشره، وهذا لمن لم يكتوِ بنيران تخبطاته، ولم يكتفِ بإلقاء السلام حين مخاطبته وكفى. وفي كل الأحوال “الحمد لله الذي عافانا”.
استاذ عبد الرحمن وصفت وأوجزت في صفات الغالبيه من الناس في هذا الزمان فما مر زمن اكثر فتنا منه على البشريه. سلمت اناملك ايها العزيز.
اذا كانت هذه الصفات كلها فعلا مموجودة في ذلك الشخص الذي تعنيه…فهذا ينطبق عليه قول الشاعرابو الطيب المتني.
إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ
وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
الغيبة والبهتان
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أتدرونَ ما الغيبةُ؟
” قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: “ذِكركَ أخاك المسلم بما يكره”
. قيل: أفرأيت إنْ كان في أخي ما أقول. قال:
“إن كان فيها ما تقولُ فقد اغْتَبْتهُ وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّهُ”
–رواه مسلم-.
عرَّف النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث معصيتين من معاصي اللسان
هما: الغيبة والبهتان.
فالغيبةُ هي ذكرك أخاك المسلم بما يكره مما فيه في خلفه،
فمثلاً لو قال مسلمٌ في مسلم ءاخر: فلان أعور،
وهو لا يرضى أن يُقال عنه أعور فيكون القائل
قد وقع في الغيبة المحرمة.
وأما البهتان فهو أن تذكر أخاك المسلم في خلفه بما يكره
بشيءٍ ليس فيه. فمثلاً لو قال مسلم عن مسلم ءاخر في غيبته
فلان كذاب، وهو ليس بكذاب فقد وقع القائل في البهتان
وهو أشد معصيةً من الغيبة.
فالمسلم عليه أن لا يؤذي المسلمين، وينبغي أن يكون خلقه حسنًا،
وإذا وجد عَيبًا في أخيه يستره ولا يفضحه بين الناس.
فالغيبة والبهتان يؤدّيان إلى الشجار والخصومات بين الأحباب والأصدقاء،
فتجنَّبْ أن تقع في الغيبة والبهتان.