لكل شيءٍ من اسمه نصيب، والعلا وهي مدينة حالمة في غرب المملكة العربية السعودية ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، جعلت لها نصيبًا من العلا والسمو حين احتضنت قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست في قمتهم الواحدة والأربعين، ومشاركة دولة مصر قمة المصالحة والتسامي والعلو على كل بواعث الفرقة والانقسام، وتقديم المصالح العليا للخليج وأبنائه على ما سواها؛ ولذلك علت العلا واعتلت القمة، وسطرت اسمها على صفحات الأخبار، ووسائل الإعلام فنالت من اسمها نصيبًا.
ولقد برهنت قيادة المملكة العربية السعودية أنها رمز الحكمة والاعتدال وبُعد النظر، وأن المصالح العليا ليس لدول الخليج فقط، بل وللعالم كله مقدمة وفوق كل اعتبار، وأن السعودية العظمى دولة بحجم ثقلها العالمي، وأن نهجها هذا قد أكسبها الاحترام والتقدير من العالم كله، وقد تابع الكثير جهودها إبان قيادتها للدول العشرين، واليوم ونحن نرى كيف أنها وأخواتها من دول المجلس رأبت الصدع، وفوتت الفرصة على المتربصين بأمن الخليج ودوله من أن ينالوا بغيتهم ويفرقوا الصف وأثبتت أنها البعد الاستراتيجي لدول الخليج، بل وللعرب والعالم الإسلامي ولا غرو فهي من قاد التضامن الإسلامي وأسس له منظماته واحتضنتها – رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي- وكانت من المؤسسين لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية الأمر الذي يبرهن المبادئ السامية التي تنتهجها السعودية.
وقد احتضنت العلا قمة خليجية نتج عنها توقيع القادة على التصالح وطي القطيعة التي عطلت عجلة المجلس عن السير؛ لتحقيق مصالحه، وأن الاختلاف والخلاف وإن وقع فإنه بين الأخوة والأشقاء لا يجب أن يستمر؛ ولذلك أكّد البيان الختامي أن مصالح دول الخليج ووحدتها خط أحمر، وأن الأخوة والجوار ووحدة المصير هي أساس البقاء، وأن المنطقة يعصف بها صراعات، ويتربص بها أعداء لن يتم التغلب عليها إلا بالوحدة والتعاون.
ولما كانت الحكمة تقول إن الضربة التي لا تقصم الظهر تقويه؛ فإن هذه الأزمة التي مرت بالمجلس انجلت عن بنيان مرصوص وكيان راسخ شامخ لا تزيده العواصف إلا قوة وثباتًا؛ ولذا فقد كان مما تضمنه البيان الختامي للقمة توجيه المجلس لوزراء الخارجية بالعمل على تنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام 1332 -هـ حين نادى بالعمل للانتقال لمرحلة الاتحاد كهدف سامٍ تسعى لتحقيقه؛ فضلًا عما تضمنه البيان الختامي من تطابق وجهات نظر دول المجلس في الأمور السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والقضايا الإقليمية، والدولية، وهو مايبشر بغدٍ واعد لأبناء الخليج بإذن الله.
0