نحن بطبيعتنا …وما وافق الطبيعي تقارب كثيرًا مع الحق، حتى وإن لم يصب كبده، فهل يحق لنا أن نحتفل، ولو على سبيل استذكار اللحظة التي تُعد انطلاقة الحقبة، ونهاية حقبة مضت؟
نهاية العام الميلادي، وبدايته، وأحقية التاريخ بصناعة تمييز يليق به عن بقية الأيام دون إغفال للأيام الأُخر ومناسباتها، ومدى تحقيق التمايز بين تلك الأيام هو ما أخذ دورة النقاش؛ ليكبر، وأطال له العمر، وسهّل له الأمر.
هل يحق لي أن أحتفل بهذا التاريخ بعيدًا عن عمقه الديني وترابطية التوقيت بحدث؟ هذا إذا قلنا إن هناك ترابطًا دقيقًا صحيحًا أصلًا، ولكن بعيدًا عن هذا كله أين نقع نحن من هذا التوقيت؟
كل ما حولك مرتبط بهذا التاريخ وتفاصيل حياتك معتمدة بكل مجرياتها على هذا التقويم؛ فالعمل يقوم عليه وراتبك يسير به وبريدك الإلكتروني الذي يسير عملك وتطبيقاتك متصل به، وتاريخ سفرك وتخطيط رحلاتك لا يمكن ترتيبه إلا به، ووسائل التواصل التي تعتزم الدخول اليها وضعتْ خطوة التاريخ مما “لا يمكن تخطيه” وبرامج الخدمات التي تسهل لك حياتك أصبح التاريخ الميلادي جزءًا أصيلًا فيها وكل مواقيتنا الزمانية تعتمده وتقوم به، فكيف لنا أن ننأى عنه أو أن نتجاهل ذكره!
نقدّر تاريخنا، ونعلم قيمته وأصله ومدى ارتباطه بنا كمسلمين وأنه توقيت عباده، وانطلاق حضارة، صنعت من نفسها وأهلها قيمة لا يمكن تجاهلها حتى وإن بدت ضعيفة حينا أو مجهدة أحيانًا أخرى، إلا أنها تمرض دون أن تموت، وتتراخى دون أن تفنى وتنعدم.
أقدر غيرتكم على تلك الأمجاد، وأطالبكم أن تقدروا زحام الاحتياج لهذا التاريخ، ورمي مثالية الاعتداد ونشوة الخُطب جانبًا، ونتأكد أن قيمة كل شيء في مقدار الاحتياج له، وهذا ما صنعه ذلك التقويم.
أحيانًا نجد أنفسنا نسير وفق واقع لم نختره، وطريق لم نصطفيه، ومادام الطريق موصل والدرب سالك ولم تخترق القوانين أو تهدم القيم فأين الإشكال في أن أحفل بهذا التاريخ الذي يأخذ الخط الزمني لكل مجريات حياتي، والذي لا يمكن تجاهله بحال.
لن أحتفل تشبهًا، ولن أتشبه محتفلًا، ولكن سأحتفل تخليدًا، وأخلد احتفالًا بتاريخ بُنيت به حياة وانتهت به أخرى، وقام فيه حدث، وانقطع فيه آخر، واحتضن ذلك العام أيامًا لم يكن لي أن أتذكرها بلا توقيت.
لن أطالب أحد بالموافقة، ولكن أزعم أننا تخطينا لغة التراشق ولسان الحروف المحتقنة، والأمر أوسع من هذا بكثير، وأقل كلفة على الود والوفاق.
ختامًا…. اصنع أنت قيمة للتقويم الذي ترغب في تخليده…
0