في الأسبوع المنصرم تعرّض أحد أبناء عمومتي لحادث دهس انتقل على إثره لرحمة الله، ونسأل الله له المغفرة والرحمة، وأن يجبر مصاب أهله وذويه.
ولكم أن تتصوروا حالة والده ووالدته حينما أتاهم الخبر كالصاعقة في جنح الظلام، لكنهم صبروا واحتسبوا واتجهوا لاستكمال إجراءات الصلاة عليه، ودفنه.
أما سائق المركبة التي دهسته فقد اكتفى بتسليم أوراقه الثبوتية بما فيها شهادة التأمين لإدارة المرور، ثم خرج بالكفالة، ولم يكلف نفسه بتقديم واجب العزاء لأسرة المتوفي وذويه؛ فضلًا عن تشييع الميت والصلاة عليه.
انتظرنا اليوم الثاني والثالث من أيام العزاء لعل وعسى أن يأتي هو أو أحد أقاربه أو مجموعة منهم لمواساة والد المتوفي وذويه، ولكن شيئًا لم يكن!!
التمسنا لهم العذر في ظل جائحة “كورونا”، وتوقعنا الاتصال الهاتفي الذي لم يكن ضمن المحاذير خلال هذه الجائحة، ومع ذلك لم يحدث !!!
اللافت للانتباه أن التأمين على المركبات ساهم كثيرًا فيما حدث من قصور في العادات الحميدة، والقيم السامية، وتناسينا شعارنا العظيم في هذا البلد الطاهر ((كيف نكون قدوة ؟)) .
لا شك أن الخير في أمة محمد عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة، والمسلم أخو المسلم، ومواساة المكلوم جزءٌ من الهدي النبوي، بل إنه فضيلة في جميع التشريعات.
وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على التعزية، وأمر بتأديتها لأهل الميت ومواساتهم، لما لها من ثوابٍ وفضلٍ عظيم عند الله؛ وفي ذلك ما رواه ابن ماجة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال:”ما من مؤمنٍ يعزي أخاه بمصيبة، إلا كساه الله سبحانه من حلل الكرامة يوم القيامة”.
ختامًا، لازلنا نفاخر الأمم بِقِيَمنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة، ومن ضمنها تقديم واجب العزاء ومواساة أهل المتوفي، ولا أظن أن الثورة المعلوماتية انتزعتها من القلوب النظيفة.
ومضة:
إنما الأمم الأخلاق مابقيت
فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا