المقالات

جائزة الجودة الوطنية

مـا لا يمكن قياسه لا يمكن الحكم عليه .. وما لا يمكن الحكم عليه، لا يمكن تطويره مستقبلًا..
ولهذا السبب تحتاج الدول إلى معايير جـودة “وطنية” تشعل روح المنافسة، وترفـع مستوى منشآتها بشكل دوري.. بدون ذلك يخـتفي الحافر، ويخـف الدافع، وتثبت الإنجازات على مستواها السابق.. والثبات في هذه الحالة يعـني التراجع والبقاء في ترتيب متأخر بسبب اختفاء معايير الجودة ذاتها…
معظمنا يخلط بين تفوق الدولة (العسكري والاقتصادي)، وتفوقها النوعي (على مستوى الشعب والأداء المؤسسي)..
لـو طلبت من الناس حولك أن تضع ترتيبًا بـأعظم الدول في العالم سيختار معظمهم: أمريكا وروسيا والصين ــ وربما فرنسا أو بريطانيا.. ولـكـن لو سألتني شخصيًّا سأختار: سويسرا والسويد وهولندا ــ وربما ألمانيا أو اليابان ..
سـيختار معظمنا الدول الأولى؛ لأنها جمعت بين التفوق الصناعي والعسكري، مع عدد سكان كبير وناتج قومي ضخم..
ولكن إذا نظرنا للموضوع بميزان التفوق النوعي (للفرد ومؤسسات المجتمع) نكتشف تفوقًا واضحًا لسويسرا والسويد وهولندا .. فهذه الأخيرة تـملك عدد سكان أقل بكثير؛ ومع هذا تتفوق من الناحية التعليمية، والصحية، والناتج الاقتصادي للفرد. أطلق عليها شخصيًّا (الدول النوعية)؛ كونها تتفوق على الدول الأكبر منها حجمًا من حيث جودة خدماتها والناتج الإبداعي لسكانها (بدليل نيل سويسرا 27 جائزة، والسويد 30 جائزة، وهولندا 21 جائزة من جوائز نوبل، لعدد سكان لا يزيد عن مدينة نيويورك)!!
ولهـذا السبب كنت من أكثر المتفائلين بالنتائج المستقبلية لجائزة الملك عبد العزيز للجودة منذ إنشائها (والتي رعـى خادم الحرمين الشريفين يــوم الإثنين الماضي حفل توزيع جوائزها في دورتها الخامسة)..
فـبصرف النظر عن الجهات الفـائـزة (التي شهدت تتويج 27 منشأة) ما يهمني كمواطن هـو أنها ارتقـت فعـلًا بمعايير الخدمة التي تقدمها للفرد، والمجتمع، والوطن كـكل. أثبتـت التزامها بمعايير الجـودة التي يفرضها برنامج التحول الوطني 2030 ، ونـالت بذلك اعـترافًا رسميًّا من خلال فوزها بـجائزة تحمل اسم المؤسس..
أمــا الأجمل من الجـائزة نفسها، فهو انتقال قطاعاتـنا الوطنية من مرحلة التصريحات والبيانات التنظيرية، إلى مرحلة الاحتكام لمعـايير جـودة مسـبقة ترفـع من أدائها .. وترفعنا معها لمستوى “الدول النوعية” في العـالم …

Related Articles

2 Comments

  1. فكرة الجائزة جميلة جداً متى ما وجدت أرض خصبة وعمل متقن في كافة قطاعات الدولة
    مع أنني ما زلت أرى عكس ما يراه الكاتب فمعظم قطاعاتنا ما زالت تقوم على التنظير أكثر مما تقوم به من التنفيد ولكن لعل رؤية ولي العهد حفظه الله تقلل من هذا التنظير ونرى على أرض الواقع دولة عصرية تنافس دول العالم الكبرى

  2. خلق التنافس بين القطاعات الخاصة والعامة بمثل هذه الجوائز النوعية سيساهم في التنمية الى حد كبير ولكن لابد أن تكون معايير التقييم عالية الجودة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button