المقالات

الإدارات الأمريكية المتعاقبة والاستهلاك الإعلامي

إن مما يؤسف له تعامل الإعلام العربي مع التصريحات الاعلامية وأخبار الإدارات الأمريكية المتعاقبة سواء أثناء الانتخابات أو بعدها من سطحية في التعامل مع تلك الأخبار، وفهمها وتحليلها، والبناء عليها؛ لتحديد مواقف سياسية أو محاولة تجييرها لأهداف ضيقة للبعض، ومن يُتابع الأخبار أو التصريحات الإعلامية للمسؤولين الأمريكيين بدقة ويربطها بالأفعال، وبما تقوم به تلك الإدارات خاصة بعد أن تتسلم زمام العمل بالبيت الأبيض وما يتم على الأرض يجد أن أغلبها إن لم تكن كلها للاستهلاك الإعلامي فقط وإلا فإن السياسة الأمريكية سياسة ثابتة، وتتعامل مع الأحداث العالمية وفقًا لمنظور خاص بمصالح أمريكا أولًا وأخيرًا، وبما يخدم أهدافها الاستراتيجية وأن الإدارات الأميركية المتناوبة على البيت الأبيض تسير بخط موحد للجميع، ومساحة التغيير لأي منها ضيقة جدًا أو تكاد تكون معدومة باستثناء اقتناص الفرص من الأحداث العالمية ولمصلحة وأهداف محددة سابقًا.

‏ومن أمثلة تعامل الإعلام العربي السطحي أو النظرة الضيقة ومحاولة تجيير بعض التصريحات للتشفي فقط هو ما صرّحت به الإدارة الأمريكية الحالية قبل الانتخابات حينما صرّحت باتخاذ إجراءات معينة حيال سياسة المملكة العربية السعودية أو بما صرحت به حيال بعض الأحداث في المنطقة كقضية فلسطين، والتعامل مع إيران وأذنابها كالحوثيين باليمن وحزب الله بلبنان وغيرها يجد أنها تلاشت بعد إطلاقها، وأن مواقف الإدارات الأمريكية لم تتغير في الواقع العملي فهذه إسرائيل تحظي بدعم لا محدود، وتفضيل وحماية كل الإدارات الأمريكية، وهذه إيران ماضية في برنامجها التخريبي للوطن العربي ولبلاد المسلمين السنة، بل وبدعم من الغرب مباشر وغير مباشر، وكذلك يسير برنامجها النووي وأن العقوبات الأمريكية والتهديدات الغربية لذر الرماد بالعيون، وأن مايحدث أحيانًا لهي أمور متفق عليها كمقتل سليماني وخربشات الحشد الشعبي في العراق، وبالنسبة لعلاقة أمريكا بالمملكة العربية السعودية فهي كذلك علاقة ثابتة لم تتغير بتغير إدارات أمريكا، وإن مرت أحيانًا بأوقات فتور وأوقات انسجام، ولكنها مستمرة وثابتة لأن السعودية دولة لها ثقلها في المنطقة، ودولة موثرة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا؛ فلذلك علاقة أمريكا بها علاقة ثابتة. ولذا فإنه يتعيّن على المحللين والمهتمين بمتابعة الشأن الأمريكي التركيز على الأفعال، وليس الأقوال والبحث عن الأهداف والنتائج لتستطيع الفهم ومن ثم الحكم، لأن التعامل مع أمريكا، ومع كل القوى العالمية يعتمد في الأساس على مبدأ المصالح المتبادلة أو المشتركة، وأنه كلما أمسكت الدولة بمصادر القوة والاستقرار الداخلي كلما كانت ندًا قويًا، واستطاعت أن تتعامل مع غيرها من الدول بحجم ذلك،
وبالتالي فإن مكانة المملكة وحجمها وإمكانياتها يجعلها قادرة على التعامل مع القوى العالمية كندٍ، وأن تلك القوى تعلم ذلك.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button