المقالات

هل حقق ضم وزارات التعليم غاياته؟

قبل أكثر من ستة أعوام صدر أمر ملكي بضم وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة بمسمى وزارة التعليم. رأت القيادة الرشيدة ذلك؛ لتوحيد وتنسيق الجهود، وبناء جسور التواصل بين أنواع التعليم، وترشيد الإنفاق، والاستفادة المثلى من الموارد البشرية، وبعد مضي فترة زمنية ليست بالقصيرة يبرز استفهام هام هل حقق الضم غاياته؟ هل استطاع جهاز الوزارة وقطاعاتها المختلفة أن تجسّد رؤية القيادة حيال دوافع الضم وأهدافه.

في بدايات مرحلة ما بعد الضم اتضح أن جهاز الوزارة الجديد القديم لم يكن مستعدًا؛ لتنفيذ الإجراء، وتحقيق الأهداف المنشودة فدخل في مرحلة سبات طويلة تبين خلالها عدم قدرته على بناء آليات تكاملية، وإطلاق مبادرات تجسد غايات الضم.

أما الجامعات ففقدت مظلتها الإشرافية، وبقيت كل جامعة تراوح مكانها في انتظار ما سيأتي.

في العامين الأخيرين بدى أن هناك ضوءًا بعيدًا في آخر النفق، وأن رؤى جديدة بدأت تتضح وإجراءات تنفيذية محدودة تأخذ مسارها، لكن بوتيرة بطيئة، وتركز معظمها في جهاز الوزارة نفسه؛ ولذلك فمتطلبات المرحلة الحالية والمستقبلية لتعليم مواكب لرؤية المملكة الطموحة ومتجاوب معها يبدو أمرًا بعيد المنال. فالتعليم لينهض ويواكب ولنرى تغيرًا حقيقيًا يستلزم بناء خارطة طريق تفصيلية تستلهم خطوطها العريضة من رؤية المملكة 2030، وما بعدها وتقود إلى تقديم نظام تعليمي مختلف.

التعليم العام يحتاج إلى هيكلة إدارية مختلفة تحقق الجودة، والنوعية، والتكامل، والترشيد؛ وذلك يستلزم التخلي عن النظم والهياكل التقليدية القائمة، والبداية أن تنفتح الوزارة، وتناقش القضايا والمعوقات بصوت مسموع مع مختلف مكونات، ومستويات المجتمع، وتشرك على وجه الخصوص الجمعيات العلمية والأكاديمية في الدراسات، وبناء المبادرات.

أما التعليم الجامعي؛ فقد ساعده  تكوينه الإداري في جامعات مستقلة بمواردها ونظمها؛ ليكون بالعموم أفضل حالًا، لكن التدقيق في بعض التفاصيل يثير الكثير من التساؤلات حيال عدد من المواضيع الهامة، أبرزها الفاتورة العالية للتشغيل، غياب التنسيق بين الجامعات، ترهل الهياكل وضعف الاستغلال الأمثل للموارد، سيطرة المجالات النظرية على المشهد، بطء عملية سعودة الكفاءات التدريسية، استمرار تخصصات تقلصت الحاجة إليها، محدودية تطور برامج ما بعد البكالوريوس، ضعف الاهتمام بالبحث العلمي، محدودية المشاركة في خدمة أهداف التنمية، وتحديث المجتمع.

حالة مراجعة جريئة لما تحقق خلال فترة ما بعد قرار الضم، ومقارنتها بأهداف، وغايات الضم ستجعل الوزارة أكثر تركيزًا في عملها المستقبلي؛ لتحقيق الأهداف المنشودة.

———————-

أستاذ جامعي

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button