حديث سمو ولي العهد في منتدى الاستثمار الأخير عن مدينة الرياض هو فكرة وتطبيق جديد للدمج بين مدينة تقليدية مزدحمة بالسكان، وبين مدينة اقتصادية عصرية حديثة جاذبة ليس أمرًا سهلًا، ولكنه ليس مستحيلًا إذا ماعرفنا أن لدى مدينة الرياض إمكانات كفيلة بتحقيق هذه الرؤية، كموقعها الجغرافي والإداري والتمكين الحكومي لها والكثافة والنمو السكاني كذلك إنشاء الهيئة الملكية للرياض برئاسة سمو ولي العهد، وأخيرًا الإعفاء من الضرائب للشركات إذا نقلت مقراتها الإقليمية بالشرق الأوسط لمدينة الرياض، والتي لاقت تجاوبًا سريعًا إذ بدأت عدد من الشركات العالمية تدرس هذا العرض فأعلنت 20 شركة عالمية عن نقل مقارها للرياض، وسيليها بإذن الله شركات أخرى. وفكرة المدن الاقتصادية، وجعلها مراكز جذب واستحواذ فكرة علمية عملية، وتم تطبيقها في مدينتي الجبيل وينبع قبل أكثر من 40 سنة، وهاهي اليوم منارات حضارة، ومنابع خير، ومجامع سكانية تعانق السماء، وإن واجهت مصاعب ومعوقات بالبداية إلا إنها بالدعم والجهد والتمكين أصبحتا على ماهي عليه اليوم.
ومن ثمرات رؤية المملكة 2030 مدينة “نيوم” العالمية التي ستدير البوصلة العالمية -بإذن الله- للمملكة كمدينة عصرية ستستقطب حوالي مليون نسمة يعيشون بطريقة عصرية مختلفة عن الحياة التقليدية، وقد أشار لها سموه الكريم في حديثه عن مدينة الرياض، ولكل منهما خصائصه ومقوماته، وقد عودنا سموه أنه إذا قال أنجز لذلك نحن متفائلون جدًّا. ولابد هنا من الإشارة إلى أن للمملكة العربية السعودية خصائص حباها الله إياها وأولها الموقع والتنوع الجغرافي بين سواحل بحرية، وصحاري رملية، وجبال شاهقة، وما أودعه الله فيها من خيرات كثيرة، ودعوة أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)، وأن من عوامل النجاح أن يتم بناء البرامج الاقتصادية والتنمية المستدامة وفق الموارد والمقومات المتاحة، وهو ما تعمل على تحقيقه رؤية 2030 .
وبمناسبة حديث الأمير محمد بن سلمان عن الرياض أقترح أن تكون الرياض أولًا ثم يتبعها بعض مناطق المملكة بحسب توافر عوامل الجذب، ومقومات التميز النوعي، ومقومات النجاح، والدعم، والتمكين، ولابد من إذكاء روح المنافسة بين تلك المكونات؛ فهناك مدن لها مميزات تختلف باختلاف مقوماتها النوعية فإن المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة لهما خصائص ومقومات تختلف عن غيرهما فإذا أضفنا لهما مدينتي جدة والطائف أصبح لدينا مكون يتمتع بكل مقومات التميز والتكامل من الموارد البشرية، والتنوع الجغرافي، والوجهات السياحية بالإضافة لعنصري الحج والعمرة كمقوم أساس، تأتي بعد ذلك مدن المنطقة الشرقية كمكون صناعي لديه مقومات مجتمعه تجعل منه منافسًا قويًا وتكتلًا بشريًا وجغرافيًا يمتد من بقيق إلى راس تنورة. فهذه مناطق جذب رئيسة تنتشر على جسد مملكتنا الغالية (ويتبعها غيرها) مشكلة واحة من النماء والتمايز تختلف كل واحدة منها عن الأخرى بما تمتلكه من إمكانات ومقومات ستستقطب عددًا كبيرًا من الشركات والشركاء العالميين بأنشطة متنوعة بحسب تنوع محاور تمايزها ومقومات نجاح كل منطقة إذا أعطيت التسهيلات اللازمة وتم دعمها والتمكين لها، ومن الدعم والتمكين الربط بين المكونات الثلاث بالسكة الحديدية، وتسريع إنشاء مشروع الجسر البري الذي يربط شرق المملكة بغربها مرورًا بالرياض وفق أعلى المواصفات العالمية، ويكون عنصر جذب لمشروع الحلم الصيني طريق الحرير الطريق الذي تسعى الصين بواسطته للوصول للغرب فضلًا عن أن الربط الحديدي به فوائد جمة للمناطق الثلاث، وأولها الاقتصاد، ويساهم بتحقيق أحد مستهدفات الرؤية، وهو الخدمات اللوجستية .
لعل هذه أفكار وإضاءات على طريق النهضة الشاملة، والاستفادة من الإمكانات المتاحه لتعزيز البناء، وتنويع مصادر الدخل والتنمية المستدامة، وفتح الأبواب لفرص وظيفية واعدة لجيل متوقد حيوية وحماس، وتحقيق رؤية طموحة لأغلى ثرى، وأطهر تراب .