نسمع دائمًا، بل ونعيش تجارب نعدها إيجابية، تتمثل في تخليد مسيرة الرموز بعد ترجلها عن صهوة العمل والإنجاز في بناء منظومة التنمية والحضارة التي يشهدها الوطن في مختلف النواحي العلمية، والثقافية، والصناعية، والاقتصادية .. إلخ.
أقولها وأنا محملٌ بكل معاني الود والوفاء لمثل هذه الرموز .. لماذا لا يكون هذا التتويج والتكريم باختلاف وسائله وأدواته مادية كانت أو معنوية للمحتفى به بعد وفاته ورحيله عن الدنيا؟! .. فلو كان هذا الرمز يستشعر مثل هذه الخصال الحميدة من ترسيخ معاني الوفاء في مجتمعنا، وهو يكون حيًّا بين أهله وأسرته؛ لكان أبلغ وأجدر بأن يكون أداةً تجسد القيم بين شرائح المجتمع.
ما أروعها من سلوكيات، وما أسماها من فعال، وما أرقاها من خصال عندما تجد الموظف شاغلًا لمنصبٍ ما يكرم من سبقه في الوظيفة عقب إحالته للتقاعد .. بل ويتخذ من هذا اليوم مناسبة فرحٍ وسرور، وتجده يستمد من زميله المتقاعد نصائحه، وخبراته، وتجاربة الناجحة في مختلف جوانب المهنة التي سيقوم بها بعده.
لقد غادرنا في الأمس القريب هامات إعلامية، واندفنت معها أصواتها الشجية التي ما إن نسمعها عبر شاشات التلفزة، وأثير الإذاعات إلا وتمركزنا للإسغاء إلى رسالتها الإعلامية التي يودون إيصالها للمتلقي .. وكأننا نتلقى درسًا أو نستوحي معلومة من أساتذتنا .. وهم بالفعل كذلك .. لتبقى لنا بعدهم أطلالًا نحدث جيل اليوم عنها .. ممن اجتاحتهم التقنية، وخيّمت عليهم وسائل التواصل الاجتماعي.
قامات الأستاذ القدير عبدالرحمن يغمور الصوتية .. كانت ترحل في سماء إعلامنا ليس السعودي فحسب .. بل العربي أيضًا .. وفخامة إلقاء المايسترو التلفزيوني المذيع والمخرج طارق ريري، كانت تؤسرنا بحديثها الهام الذي يتنوع بين القرارات والأوامر التي يسعد بها المجتمع الذي ليس أمامه خيارات المتابعة إلا التلفزيون والإذاعة.
بالطبع رحل مع مثل هؤلاء زمن كانت معه الذائقة السمعية راقية .. تصعد إلى محتوى الرسالة الإعلامية الموجهة درايةً وفهمًا.. ولا نتناسى المشاهدة الممتعة للأخبار وعناوينها التي كانت ملخصًا لما يدور حول العالم من أحداث.
لا يسعني في الختام إلا أن استدل بقول الشاعر:
أولائك أبائي فجئني بمثلهمُ
إذا جمعتنا ياجريرُ المجامعُ