المقالات

ممكنات الفساد

الحملة الموفقة التي أطلقتها حكومتنا الرشيد على الفساد منذ نوفمبر 2017م، والتي عُرفت في الصحافة العالمية (Saudi Arabia’s crackdown on corruption)، وكانت محط إعجاب الأمم، أثمرت عن الكثير من الإنجازات التي تضاف للقائمة الطويلة لإنجازات العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – رعاه الله – وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله- أموال طائلة مسروقة استعيدت لمالية الدولة، وأوضاع وممارسات خاطئة تكشّفت، وأصلحت، وأجهزة أعيد بناؤها على أسس جديدة.
دعمت الدولة هيئة الرقابة ومكافحة الفساد للمحافظة على النزاهة وحماية المال العام، ومنحتها المزيد من الصلاحيات والإمكانيات، وللحقيقة فإن الهيئة تعمل ومتحركة بفعالية في السنوات الأخيرة أكبر من ذي قبل، ومع ذلك فالطريق ما زال طويلًا فقوائم الفاسدين الطويلة التي تصدرها الهيئة من وقت لآخر تصدمنا، وتسعدنا في نفس الوقت، لكن يبقى التحدي الأكبر للهيئة هو القضاء على الأوضاع والظروف التي تمكن للفساد، وتغذي منابعه، والعمل على تجفيفها؛ وذلك يشمل الكثير والكثير.
فيتوقع من الهيئة القيام بمراجعة دائمة لجميع الأنظمة المتعلقة بالقرار الإداري والمالي في القطاعين العام والخاص، وإعادة أقلمتها على نحو يمنع أي فرصة لنشوء أي فرصة للفساد. كما ينتظر أن تقوم الهيئة بالتأكد من آليات عمل الإدارات القانونية، ووحدات المراجعة المالية في الأجهزة المختلفة، والتدقيق في أعمالها بشكل مستمر. كذلك هناك مفاصل للعمل داخل أجهزة القطاع العام والخاص تقتضي أن يكون للهيئة رأي فيها، ومن ذلك تشكيل المجالس واللجان المتعلقة بالقرار المالي والإداري المنصوص عليها في الأنظمة واللوائح، وأن تتابع الهيئة تشكيلاتها وقراراتها، والأهم أن تفرض الهيئة هيبتها وشخصيتها على الأجهزة لمنع أي تسامح أو تغافل من رؤساء الأجهزة عن أخطاء أو تجاوزات مرؤوسيهم.
نتطلع أن تقوم الهيئة بتثقيف المجتمع بدورها في الكشف عن الفساد، وحماية النزاهة، وتشجيع مختلف شرائح المجتمع على المساهمة معها، ويفضل التركيز على شرائح الموظفين العاملين في الأجهزة المختلفة الذين يمكن للهيئة أن تشكل منهم خط الرقابة الأول، وفي ظل هذا الطموح الكبير للقيادة والمواطن بحماية النزاهة، ومكافحة الفساد، وتطهير المجتمع من الفساد والفاسدين، يستلزم الأمر التفكير دائمًا في الكوادر المؤهلة المنوط بها العمل الرقابي، ولربما يستلزم ذلك أن تنشئ الهيئة معهدًا متخصصًا لإعداد، وتطوير الكوادر الرقابية بالتعاون مع إحدى الجامعات أو معهد الإدارة العامة.
إن ترسيخ مفهوم النزاهة، والعدالة، وحماية المال العام الذي تسعى إليه، وتدعمه قيادتنا الرشيدة هو أحد أهم ركائز تطور بلادنا ورقيها.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button