عبدالرحمن الأحمدي

مُؤلم

حين يحضر الشك في رحاب العقول الإنسانية، ويتلبس الفكر بالتوهمات الزائفة. من المؤلم جداً أن تتخبط في مشاعرك تجاه من أقسم بمحبته لك، وراهن أمام الملأ على جميع سماتك، ومجمل خصالك، وتجعل من سوء اعتقادك حكماً جازماً عليه، مؤلم أن لاتدرك محبة الآخرين لك في قلوبهم وقد تجاوزت مرحلة العبث العمري، مؤلم أن تخسر أعذب الأحاسيس الصادقة لمن أحبوك بصدق، وتحمل أثقالاً فوق أثقالِ من الغل والضغينة في صدرك من حيث تشعر أولا تشعر. من الصعب أن تتوهم وترسم في مخيلتك أغلال من الظلم، والحقد، والكراهية، والبغضاء لمن قدم اعتذاره لك بحرقة وصدق، وحسن نية. من الصعب أن تعبث بأفكارك وأنت قد ارتقيت بفكرك سُلم من العلم يكاد يخلصك من عدم الفهم وقلة الاستيعاب، من الصعب أن تكون أقرب إلى مفهوم النفس ونفسك ذاتها لاتكاد تفهم من تصرفاتها شيئاً، ولا حتى تسيطر على مايخدش رقتها. من الصعب أن يُحصر علمك في أوراق صفراء ستُكتب في أيامٍ محدودة وستُنسى يوماً لامحالة، من الصعب أن الجمال تُبعثره في لحظة تصورات سوداء لاتمت للمحبة بأي صلة. لكل التصرفات المؤلمة حد فللحب نهاية فتنبه أن لا تحين بداية نهايته، وللود مدى فاحرص على أن لاينقطع من قلب من عشقك بأجمل الوداد، وللرجاء أمد فتأكد أن لا يحل اليأس في الروح المرهفة بعد كبير الأمل.

لا عيب بين المحبين الرجوع للحق بعد الخطأ. كل شكٍ بالحقيقة لا بد أن يزول، وكل نقصٍ بالوفاء لابد أن يُستكمل، وكل سوء ظن بالصدق لابد أن يُمحى. الحياةُ تافهة لا تحتمل الألم، الحياةُ رخيصة لاتستحق غالي الثمن، الحياةُ ماضية لا تستوجب الندم. والرفيق المحب لايستحق البغضاء، والعداء الدائم لامبرر له أبداً. فالدنيا أبسط مما نتصور، والدنيا أقل مما نتخيل، والدنيا أدنى مما نتوقع. فلماذا نُحمل أنفسنا أثقال كبيرة لاتُطاق؟ ونضع حول أعناقنا قيوداً مرهقة لا تتزحزح؟ ونُسكن في أعماقنا آلاماً تعيسة لا ترحم؟ أين كل مدارك البصر والبصيرة؟ أين كل استلهام العظة والعبرة؟ أين كل خالص الفكر والتفكير؟ ياخيبة أحلامنا الباهية فقد أفقدناها جميل البراءة، ياخيبة آمالنا الحالمة فقد أفقدناها تطلعاتها الباهرة، ياخيبة أفكارنا المتوقدة فقد أقصينا أركانها الساحرة. ضاع الصفاء في طرقات كلها سراب في سراب بعد أن كانت تشع ببديع الضياء، ضاع النقاء بحماقاتٍ سوداء لامعنى لها بعد أن كان المكان كل المكان يكتسيه البهاء. مضى الجمال بعيداً ورحل حيث لانهاية وصار مجرد أثر. مستحيل أن تكون أنت يوماً غاية المُنى.. مستحيل أن تكون أنت يوماً مُشرق المحيا. مؤلم أن لايظهر نورك بعد بزوغ الفجر.. ياحسرة على إنسان تغشاه بغيض الكِبر. يا تعاسة إنسان لازمه ممقوت الكَدر. وهنا علينا نتوفف لنقول بعض المختصر:” في رحلة البحث عن الحقيقة تسكن في بعض العقول مدة من الزمان الكثير من متاهات
الحيرة ومابين الشد والجذب يدفع اليقين بها بعيداً إلى لارجعة “وأنت أيها القمر المفتون أي حيرة مرهقة تسكنك؛ ليكفيك اليقين آثام شرورها؟

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button