د. عبدالله علي النهدي

أمريكا.. الصديق اللدود

عندما يقف الشيطان واعظًا، وعندما يتحدث المجرم عن الرأفة والإنسانية أو يحاول الكذاب أن يشرح لك معنى الصدق وقول الحقيقة؛ فهذا هو الوصف الأنسب الذي يمكن إطلاقه على الساسة الأمريكيين، وعلى رأسهم الرئيس الحالي جو بايدن الذي خرج مؤخرًا ليجتر الماضي بناء على تقرير نستطيع تسميته تقرير (شاهد ماشفش حاجة)؛ ليعيد لنا فتح ملف قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي -رحمه الله-، وهي القضية التي أدانها جميع السعوديين حكومةً وشعبًا منذ يومها الأول، واعتبروها عملًا إجراميًا، ومن ثم تولى القضاء الفصل فيها ونطق بحكمه، وهو الحكم الذي رحبت به أسرة خاشقجي قبل غيرها.

ربما يغيب على الحكومة الأمريكية أن قوة المملكة العربية السعودية تكمن في قوة تمسك الشعب السعودي بعقديته، ومن ثم في قوة التحامه وثقته الكبيرة في قيادته الرشيدة -حفظها الله-، وفي كافة القرارات التي تتخذها حيال الأحداث والقضايا على كافة الأصعدة؛ ومن ضمنها القرارات التي صدرت حيال قضية مقتل ‎خاشقجي، كما أن الشعب السعودي يثق تمامًا في استقلالية ومهنية ونزاهة القضاء في المملكة، وهو الأمر الذي أكده أصحاب الحق أنفسهم قبل غيرهم؛ فقد عبرت أسرة خاشقجي الكريمة عن ثقتها في أحكام القضاء، وأنها كانت عادلة. ولا يستطيع كائن من كان أن ينكر أن أي دولة في العالم من الممكن أن تكون عُرضة للوقوع في الخطأ؛ ولكن حينها يأتي دور القيادة وتدخلها لتحديد المخطئ ومعاقبته واتخاذ الإجراءات الصارمة لضمان عدم تكرار ذلك الخطأ، وهو الأمر الذي نفذته القيادة السعودية -حفظها الله-.

ولكن كما يقال فعلًا شر البلية ما يضحك؛ عندما ينصب هم الحكومة الأمريكية الجديدة على حادثة مقتل مواطن سعودي تمت في سفارة بلاده، وعلى أرض غير أمريكية، بينما تنتهك الحكومة الأمريكية وعبر التاريخ حقوق شعوب بأكملها وتجتاح أراضيها، وتقتل وتسجن قيادات ومواطني دول أخرى بل حتى المواطن الأمريكي لم يسلم من أذاها، وتحت مسميات فضفاضة، وباعتراف منظمات ومسؤولين أمريكيين، ثم يخرج لنا قادتها وساستها لينظروا لنا عن حقوق الإنسان.

في كتاب “(500)عام من السجون في أمريكا” كشف مؤلف الكتاب “سكوت كريستياتسون” أن أمريكا هي الدولة الثانية في العالم بعد روسيا، التي تضع أكبر عدد من مواطنيها في السجون، كما أن السجون الأمريكية هي الأماكن التي يتم فيها أكبر التجاوزات لحقوق الإنسان، حيث يتم التعامل مع المساجين بصورة مهينة؛ خاصة أصحاب البشرة السوداء والمهاجرين والنساء، الأمر الذي دفع أحد المفكرين إلى وصف أمريكا بالقول: “الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الإمبراطوريات دموية والأكثر وقاحة في استخدام حقوق الإنسان كمبرر لتلك الدموية غير المسبوقة”.

كما أكد مفكر أمريكي بقوله: “إن هناك ما يكفي من الأدلة لاتهام كل الرؤساء الأمريكيين منذ نهاية الحرب العالمية بأنهم مجرمو حرب، أو على الأقل متورطين بدرجة كبيرة في جرائم حرب”.

ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية منذ ولادتها كدولة قد تأسست على أشلاء السكان الأصليين (الهنود الحمر)، وكانت إبادة الهنود الحمر ربما هي الإبادة الأكبر في تاريخ البشرية؛ إلا أن ذلك كان مجرد خطوة أولى على الطريق إلى هيروشيما وناجازاكي وفيتنام؛ وصولًا لأفغانستان والعراق وفضائح أبو غريب والخريف العربي والقائمة تطول لكننا هنا سنكتفي بشهادة شاهد من أهلها يتحدث عن الحرية وحقوق الإنسان في أمريكا، فهذه أكبر الصحف الأمريكية “الواشنطن بوست” نشرت في مطلع عام 2012 تقريرًا قالت فيه: إن لديها عشرة أدلة تثبت أن الولايات المتحدة لم تعد بلد الحريات، وأنها فقدت بريقها كدولة تحترم القانون. وأشارت الصحيفة إلى قائمة طويلة من القوانين والممارسات الموجودة داخل الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر، والتي جعلت منها دولة لا تحترم حقوق الإنسان، ولا تتمتع بالحرية كما يتوهم الأمريكيون. ومن أهم تلك القوانين:
– قانون السماح بقتل واغتيال أي مواطن أمريكي إرهابي أو يشتبه في أنه إرهابي، والذي أصدره الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وحرص من جاء بعده على استمراره.
– القانون الذي يسمح بجواز احتجاز أي مواطن من قبل قوات الجيش للاشتباه في ضلوعه في أية أعمال إرهابية، وعلى الرغم من ذلك رفضت الإدارة الأمريكية أي محاولة لانتقاد هذا القانون أو توجيه تهم لها بخرق الحريات وخصوصية المواطنين داخل المحاكم الفيدرالية، مؤكدة على ضرورة وجود قانون ينزع الحصانة الشرعية للمواطنين التي تشكك الدولة فيهم.
– قانون آخر يؤكد على وجود قضاء استبدادي، وهو قانون منح السلطة للرئيس الأمريكي أن يقرر إرسال المتهمين؛ ليحاكموا في محاكم فيدرالية أو عسكرية دون إبداء أسباب بناء على رأيه.
– قانون فرض الرقابة دون إخطار، فمن حق السلطات الأمريكية استخدام سلاح الأمن القومي لمعرفة أي بيانات خاصة بالمواطنين.
– قانون خاص، يقضي بحق الحكومة الأمريكية في اعتقال ومحاكمة المدنيين الأمريكيين في محاكم عسكرية دون الإفصاح عن القرائن، بحجة أنها دلائل سرية تضر بالأمن القومي لا يجوز الإفصاح عنها.
– القانون التعسفي الخاص بتغيير إقامة أي شخص بالإجبار، ونقله من الولاية التي يعيش فيها إلى ولاية أخرى دون إبداء أي أسباب بمجرد الاشتباه فيه.
واختتمت الواشنطن بوست تقريرها قائلة: “إن الولايات المتحدة تحاول جاهدة ترسيخ فكرة أنها أرض الأحلام والحريات، وأنها النموذج الوحيد للدولة التي تحترم حقوق الإنسان، إلا أن هذا لا يعد سوى فقاعة تحبس المواطنين بداخلها لتصرف نظرهم عن حقائق كثيرة من حولهم”. بعد كل هذه الحقائق عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة الامريكية ألا يحق لي فخامة الرئيس الأمريكي كمواطن سعودي بعيد عن السياسة أن أقول لك: عيب!! أغلق فمك (وعض على شحمه)، ولا تتكلم عن حقوق الإنسان في بلادي.

كلمة شكر: لكافة القيادات والشعوب والمؤسسات التي عبرت عن رفضها لتقرير (CIA)، وأكدت وقوفها ودعمها للقيادة والشعب السعودي.

الخاتمة: اللهم احفظ المملكة العربية السعودية؛ قيادتها وشعبها والمقيمين على أرضها وسائر بلاد المسلمين، ونعوذ بك اللهم من شر كل من أراد ببلادنا شرًا وندرأ بك في نحره.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button