بمناسبة اليوم العالمي للمرأة
رأيت المرأة في بلادي تعمل في المطارات، وفي الجوازات وفي السفارات، وفي كافة مرافق الدولة، ولم تعد طبيبة وممرضة ومعلمة فقط، بل رأيتها تتبوأ مناصب عليا ليس في الوطن فقط، وإنما أيضًا في المنظمات الدولية، رأيتها تترأس مجالس الإدارة في شركات عملاقة، ورأيتها تعمل في الشرطة والحرس الملكي والحرس الوطني بعد فتح باب التوظيف في تلك المرافق، ورأيتها تشارك في الانتخابات البلدية ومجالس الغرف التجارية، ورأيتها تعمل في الاقتصاد السعودي بنسبة تتجاوز مليون موظفة، ورأيتها تتمتع بالكثير من المزايا التي تعزز مكانة المرأة ودورها في المجتمع.
رأيت بنات الوطن، وهن يقمن بعملهن في تلك المرافق في القطاعين العام والخاص بمهنية عالية، وبكل اقتدار، فشعرت بالفخر، وأيقنت أننا نسير بخطى ثابتة وواثقة نحو تحقيق رؤية السعودية 2030 التي وضع أسسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تتضمن في أولوياتها “تمكين المرأة”، مع تعزيز هذا المفهوم من خلال تطبيق مبدأ عدم التمييز في العمل بين الجنسين، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل،
وهو ما يتمثّل في قول سموه: “أنا أدعم المملكة العربية السعودية ونصف المملكة من النساء، لذا أنا أدعم النساء”.
ولأن اليوم العالمي للمرأة يوفر الفرصة للحديث عن إنجازات المرأة على المستوى الدولي والوطني، فقد رأيت أن للمرأة السعودية الحق في أن تزهو في هذا اليوم، وفي كل يوم بما حققته من انجازات – أشرت إلى بعض مظاهرها آنفًا- في هذا العهد الميمون.
وفي الحقيقة اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به العالم في الثامن من مارس من كل عام منذ العام 1975 ليس اختراعًا من قبل دولة ما أو من قبل الأمم المتحدة، فقد كرّم الإسلام المرأة، وعزّز دورها ومكانتها في المجتمع بأعلى مراتب التكريم والتقدير من خلال تعاليمه ومبادئه السامية، فالنساء في الإسلام شقائق الرجال، والأنثى من صغرها مشمولةً بأحكام الإسلام، التي تحفظ لها حقّها وكرامتها، منذ طفولتها عندما حفظ لها حقّها في الرضاع، والرعاية، وحسن التربية، كما حفظ لها حق الميراث وأحكامًا عادلة في الزواج والطلاق. ولنا أن نتمعّن في خطبة الوداع لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي تمحّورت حول الكيفية التي ينبغي أن تعامل فيها المرأة والتي تعتبر بمثابة وثيقة إسلامية وإنسانية في ترسيخ حقوق المرأة.
يبقى القول إن اليوم العالمي للمرأة ليست مناسبة تخص المرأة وحدها، بقدر ما هو مناسبة، وفرصة أيضًا للتعبير عن حب، واحترام المرأة، وتقدير جهودها، ودورها الإنساني والتربوي في إعداد أجيال لها قدرة على العطاء والبناء؛ إضافة إلى دورها الذي لم يعد بإمكان أحد التقليل من أهميته بعد أن أصبح حقيقة ساطعة، وأقصد بذلك مشاركة الرجل في بناء المجتمع ودفع عجلة التنمية باعتبارها نصف المجتمع، وبما حباها الله من إمكانات وملكات كثيرًا ما تتفوق فيها على الرجل، كالصبر، والمثابرة، والتضحية والتحمل.