المقالات

ناصية الجهل

تعيش القدرة حياة الغبن حين تكون مع من لا يستحق، وتأخذ صفة الموت في مرحلة الرشد مع كل من أحالها للتقاعد قبل أن تستوفي منه، ويستوفي منها.
وهل للقدرة أن تعيش البرزخ بمقام العطاء؟!!!!!!!
تقوم فلسفة قتل القدرات بالمقام الأول على الجهل، وبالتالي قطيعة تبعث على التجاوز، وانفصام بين الباعث والمبعوث، ومجاهدة في تفويت اليقظة، وصنع الحاجز أمام كل صحوة، وانتباه.
نعود إلى نَعْشِ الجهل، ونرى كيف استطاع أن يجعل تلك القدرة؛ وذلك السلطان سلطان بلا قدرة وقدرة بلا سلطان، وبالتالي مغمور في عالم الأموات.
في منتصف القرن العشرين سال لعاب الغرب على مقدرات الشرق، وكانت مناجم إفريقية محطة خصبة لاغتصاب الثروة، بيدي الحكومات تارة والأفراد تارة أخرى، وتقاسم الحاكم والمحكوم لأول مرة ذلك المسار، واتجهت شركات التنقيب تفتش وتحفر، وتجمع وتصدر، وأيا كان فما يهمنا من هذا كله هو ذلك الجيولوجي الياباني (يوكي)، والذي ساقه علمه الى البحث في تلك الثروات عما يهتم له، ويسعى وراءه وقد فعل، ولما أعياه البحث، وأجهده التقصي والتنقيب قرر العودة ليصادف بطفل في العاشرة
تملّكت الدهشة يوكي مما يحمله ذلك الطفل، فقد كان يحمل حجرًا بلمعة يجهلها الطفل ويعرفها يوكي، فسأله عن ذلك الحجر فأجاب الطفل: أنه قد أخذه من الشاطئ، فطلب أن يبتاعه منه ببعض المال، ولكنّ الطفل حينها يجهل المال والنقود، ويعمل بعقلية طفل يعيش في إفريقيا بكل ما تُخُطّه تلك الثقافة في ذلك الحين، فرفض الطفل، وأعاد يوكي الكرّة في الطلب، ولكن بثمن آخر، إنها قطعة حلوى وفقط… فأجابه الطفل إلى ذلك، وبارك الجهل تلك البيعة، وانطلق يوكي فحصًا وتحريًّا في ذلك الحجر، ليصبح أغلى وأكبر ماسة صافحتها عيناه.
هذا ما كان يملكه ذلك الطفل، وهذه قيمته، وهذا صنيع الجهل حين يحل فيما نملك، وحين تجهل ما يمكنك لن تنجح في مالا يمكنك، وحين تعبث في الممتنع لن تجد الوقت للمتاح والممكن.
ولك أن تتخيل حال ذلك الطفل حين كبر وعلم، ومدى غصة الغبن التي تكتسحه.
صحيح أننا نستغرب ذلك، وربما البعض قد يروي تلك الغصة أو القصة من باب التندّر والاستئناس، وربما لا يعلم أننا نعيش ربما أسوأ منها، وبشكل متكرر، فما تحمله أنت من طاقة وقدرة ربما يتجاوز تلك الماسة، وما يحمله ذلك الطفل من جهل ربما تحمل أضعافه، ولهذا بات الجهل بالنفس أرفع مقامات الجهل وأفسدها، وتركة ذلك الجهل أقبح بكثير من جهل طفل بحجر لامع.
تصالح مع ذاتك لتثق فيك، وثق فيها لتأتمنك، وأتمنها لتخبرك، واختبرها لتدرك ماهيتها، وقدرتها، وأقدرها حقها لتفي بحقك، واصنع سبيلًا؛ للوصول إليها.
فإذا وصلت أخذتك بيديك إلى مجد لن تصبر على مغادرته حال معرفته.
حارب جهلك بك، وجرب طرقًا أخرى غير التي تعرفها، فلا تدري أي التجارب تُحمد…؟
وأخيرًا…. يعاب الجهل وتتفاوت تبعاته، إلا جهلك بك، فهو ناصيته، وساريته، وصلبه، وأساسه، ولا تدقق كثيرًا في عاقبته، وتخيّل لدقيقة فقط أنك أخذت حلوى مقابل ثروة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button