لقد انتشرت رسالة الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ، وهي رسالة عالمية للخلق جميعا ، وجاء ذلك في تبليغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسالة واداء الأمانة .
وميزت الحضارة الإسلامية المسلمين بشكل خاص عن باقي الأمم والحضارات ، لما تتسم به من معان ، وقيم صالحة لكل رمان ومكان ، ولأنها حضارة مصادرها مستمدة من كتاب الله ، وسنة خاتم المرسلين ، وتضم في حدودها المسلمين ، وغير المسلمين ، وتربط مع جميع البشر في عدة روابط مختلفة ، لذا فهي أمة وسط ، واعتدال ، وتسامح ، ترفض المفاهيم المنحرفة كالعنصرية ، والعدوان على الإنسان بأي شكل من الأشكال ، أو حتى على الحيوان والنبات .
وبدأ المنهج الحضاري الإسلامي في نبذ الاعتداء من اسمه ، فهو دين الإسلام مشتق من السلام ، وليس الإرهاب والوحشية ، وأيضا من أسماء الله الحسنى يعرف بالسلام ، قال الله تعالى ( هوالله الذي لآإله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحن الله عما يشركون ).
كما يسمى معتنق هذا الدين بالمسلم ، وقد أمر الله تعالى بإيثار السلم على الحرب إذ قال تعالى ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) .
فالآية لم تدعوا للمحاربة والاعتداء على من اراد السلم ، فالمسلم مسالم وليس معتديا ولا إرهابيا .
وبعد قيام الملك الصالح المصلح عبد العزيز آل سعود- رحمه الله – بتوحيد الجزيرة ، وجعلها مملكة الانسانية والعدل والمساواة ، وتحكيمها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بذلت المملكة جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين بل العالم بأسره فتحقق ذلك على ممر الأيام .
ولم تدخر المملكة جهدا في تقديم صورة مشرقة للإسلام أمام الغير ، فهي قبلتنا جميعا يعيش فيها المسلم وغير المسلم تحت سقف المحبة والرحمة ، ولولا ذلك لما اعتلى على منابرها وأشرف على وسائلها الإعلامية والتحق بمؤسساتها التعليمية من أنبذتهم شعوبهم وطردتهم لجرائمهم ، فكانت المملكة مأوى لهم نظرًا لرسالتها في خدمة الإنسانية ، وفي مقابل ذلك انقلبت الموازين فأرادوا الإساءة إلى من احتضنته وجعلته مقيما بل مواطنا مثله .
تارة قاموا با التعاون مع الاعداء من خلال المساجد والاعلام بالتحريض ضد المملكة العربية السعودية ، ورأينا ذلك في اتخاذ القضية الفلسطينية سبيلا للنيل من المملكة ، ونسي أولئك المتاجرون بالقضية الفلسطينية مساندة المملكة العربية السعودية ووقوفها مع الشعب الفلسطيني بشواهد تاريخية ، ففي عهد الملك عبدالعزيز آل سعود في مؤتمر لندن عام ١٩٣٥م المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة القضية الفلسطينية أمر الملك عبد العزيز بدعم القضية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
وجميع ملوك المملكة العربية السعودية خدمتهم للقضية مسؤوليتهم ، كما جاء ذلك في المشروع الذي قدمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز- رحمه الله في قمة بيروت المنعقدة في مارس ٢٠٠٢م التي تطالب بالانسحاب الكامل من كل الاراضي العربية المحتلة منذ عام ١٩٦٧م .
وفي هذا العهد الميمون مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الامين الامير محمد بن سلمان حفظهما الله رؤيتهما للقضية الفلسطينية من دعمها تأتي على نهج واستراتيجية المملكة العربية السعودية منذ بداية القضية ، والموقف المشرف لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي اتخذه في القمة العربية المنعقدة في السعودية في قوله – حفظه الله – في الجلسة على ( أننا نرفض القرار الأمريكي بشأن القدس ونؤكد أن عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة هي القدس الشرقية .
وفي احتلال العراق للكويت ١٩٩٠م ووقفت المملكة بجانب الكويت في التعاون معها وأعظم تعاون أن الحكومة الشرعية الكويتية كانت تمارس أعمالها في المملكة العربية السعودية ، ولكن قام رموز الاخوان بتكفير المملكة ورفضهم لتحرير الكويت بدعوى أن هذا تأييدا للقوى الكافرة . والدولتان العظيمتان السعودية والكويت لجأ إليهما الاخوان بعد طردهم و فرارهم من بلدانهم.
وفي أيامنا هذه بعد الموقف الشجاع الذي تبناه الشاب الطموح صاحب الهمم العالية ، والآراء السديدة ، صاحب رؤية ٢٠٣٠م ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – من أن تكون المملكة العربية السعودية في مقدمة دول العالم على المستوى الثقافي والاقتصادي والاجتماعي خرجت وحوش الارهاب وسماسرة التطرف باستخدام ألسنتهم القبيحة ضد المملكة العربية السعودية ، واليوم تلك العصابات تصفق بعد التقرير السخيف ضد محمد بن سلمان من الكونغرس الاميركي حول وفاة الاعلامي السعودي جمال خاشقجي – رحمه الله -.
المملكة العربية السعودية ليست إقليما يديرها من تأتيه الوصية من المرشد العام أو من ولاية الفقيه ، بل هي مملكة قائمة على مواقف ثابتة ، يقود سفينتها قائد عظيم ، مستند رأيه الكتاب والسنة ، إنه الملك سلمان ، ملك العزم والحزم .
إنها المملكة التي وقفت مع القضايا العادلة في دعمها ، وإيواء اللاجئين على أراضيها، واستقبال ابناء المسلمين في جامعاتها.
فماذ بقي للمتطرفين الإرهابيين الذين دمروا أوطانهم باعادة الخلافة ، فضحك عليهم الشيطان بما يسمى بالربيع العربي .
ظاهرة التطرف والارهاب لاعلاقة لها بديننا ، فمن ظن أن ذلك من الدين ، فلقد افترى على الله إثما عظيما.
————————
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا