اليمن أيقونة الجمال، والجو العليل في جنوب الجزيرة العربية مهد الحضارات القديمة، ومرجع العرب القحطانية التى تُشكل مع العدنانية أصل العرب، وكانت تسمى اليمن السعيد لتشابك جناتها، وتعدد خيراتها فكان الراكب يسافر أيامًا وليالي في ظلال الأشجار وتقارب القرى؛ فلا يشعر بأنه في سفر فبطِر أهلها وكبراؤها نعم الله عليهم فقالوا (رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ..) (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ) فسلط الله عليهم سيل العرم، وأبدلهم بجنتيهم جنتين ذواتا أكل خمط .. فهؤلاء المتنفذون والقادة بطِروا نعمة الله عليهم فجروا على قومهم البوار والفقر والتشتت والتفرق في أنحاء الأرض، ومن أهل العلم من يقول إن أهل اليمن ما برحوا يُعانون شؤم ونقمة هذه الدعوة حتى عصرنا الحاضر، ولا زالت هذه الفئة تجلب الخزي والدمار لليمن وأهله حتى وقتنا الحالي؛ فقد جلبوا الأحباش إلى اليمن فأفسدوا في الأرض وساموا أهلها سوء العذاب، وكاد قائد الأحباش إبرهة الأشرم أن يهدم الكعبة لولا حفظ الله لبيته، ثم جلبوا الفرس لطرد الأحباش فطردوهم، ولكنهم قلبوا لأهل اليمن ظهر المجن فساموهم سوء العذاب، ولما دخلها الإسلام أسلموا وحسن إسلامهم، وعاشوا بخير مادامت جذوة الدين قوية في قلوبهم .
وفي الوقت الحاضر استعداء الحوثيين الفرس المجوس في إيران مرة أخرى لليمن؛ فدخلوا صنعاء واستحكموا أهلها، وفرضوا أمرهم وعينوا دُمًا أمام الفلاشات لايملكون أمر أنفسهم فضلًا عن أمر غيرهم، وكرر الفرس محاولة هدم الكعبة المشرفة مرة أخرى، ولكن بطريقة أخرى؛ حيث استبدلوا فيل إبرهة بصواريخ وطائرات خامنئي، ولمواجهة هذه الخيانة والغدر اضطر الرئيس الشرعي لليمن/ عبدربه منصور هادي الاستعانة بالسعودية التي عرضت الأمر على هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن فصدرت القرارات المطالبة بالتدخل في اليمن لإعادة الشرعية، ومناصرة الحق فبدأت عاصفة الحزم بقيادة السعودية، وتحملت السعودية لأجل اليمن وأهله، ومناصرة للحق المليارات، وبذلت الكثير من دماء أبنائها، ولازالت صامدة في وجه الظلم وأعداء السلام .
والمبادرة التي أعلنتها السعودية قبل أيام تؤكد أنها دولة سلام لا دولة حرب، وأنها مع اليمن وأهله وليس لها مطامع فيه، ولكن هل أعداء الشرعية وأذناب الفرس يرغبون في السلام !!
للأسف لايلوح في الأفق أي بارقة للسلام وذلك للآتي:-
1- إن الحوثيين الذين انقلبوا على الشرعية، وجلبوا إيران، وأدخلوها لليمن لا يملكون القرار، وإن القرار بيد حاكم صنعاء/ حسن إيرلو الذي يتستر بمسمى سفير إيران في صنعاء .
2- إن ايران لاتريد السلام؛ لأنه سيوقف أطماعها التوسعية؛ فهي تتفاخر بأنها استولت على عواصم 4 دول عربية، وآخرها صنعاء فلن تفرط فيها بسهولة .
3- إن اليمن أصبح ساحة صراع عالمي بين القوى العالمية أمريكا، ومن يدور في فلكها من جانب والصين وروسيا، ومن معهما؛ ولذلك سيطرح اليمن على الطاولة .
4- الجانب الخفي لكل من الحوثيين وإيران، وهو الجانب الأيديولوجي فعقيدة الحوثيين ترى أنهم جماعة دينية أعلى من الحزب السياسي، وأنها جماعة الحق وغيرها جماعة باطل، وبالتالي فإنه مع الأحزاب يمكن أن تتوصل لنقطة وسط، ولكن مع جماعة دينية يصعب ذلك. وإيران ترى أنها صاحبة مذهب وعقيدة صحيحة، وغيرها باطل وتعمل بكل قوتها لتصديره وفرضه على الغير بالقوة؛ ولذلك لن يتم التوصل لنقطة وسط مما يجعل الاتفاق على سلام معهما غير ممكن حتى ولو وقعوا، وأذعنوا تحت الضغوط العالمية؛ فإنهما سينقضونه، وسينقبلون عليه بأسرع وقت ممكن .
ختامًا:
تبقى المملكة العربية السعودية داعية سلام دائمًا ومبادرتها للسلام في اليمن صدرت من مبدأ أخوي، ودافع حرص على الأخوة الأشقاء في اليمن الذين ذهبوا ضحية لتآمر الأعداء، وخيانة الأصدقاء من داخل اليمن وخارجه، ولكنها لن تسمح بأن تكون أرض اليمن، ودار الجار مصدر تهديد في خاصرتها، ولديها من الوسائل والإمكانيات (ولله الحمد) ما يمكنها من حماية نفسها، والذود عن أبنائها وأرضها .
0