▪️يعد توكيد الذات إحدى المقومات الأساسية للحياة ذلك؛ لأنه يبنى على ثقة مطلقة واستقلالية في الشخصية ليس للفرد فحسب، بل للمجتمع بحاله من خلال ترسيخ المبادئ، والقيم، والمثل العليا التي تستند للمرجعية الدينية والمجتمعية، والتي تؤصل العادات الحسنة والخلال الحميدة المتوارثة والمتعلمة أيضًا بفعل التلاقح الفكري والاندماج الثقافي، والذي يُشكل الإدراك الواعي لمعناها الصحيح المؤطر بحدود العقل وعمق المنطق لجعلها أدوات تنظم علاقة الفرد بذاته وغيره في توازن لا يرجح بإحدى الكفتين على الأخرى فيما يعرف بالهوية الثقافية التي تخضع لتقديرات المجتمع كما تميزه عن غيره من الشعوب بحكم التشريع الديني والنظام السائد؛ ليظل معصومًا من الاختراقات ممنعًا من تجاوز المحددات، ممنونًا بفعل المباحات مندوبًا لممارسة ما يسهم في خير ونماء المجتمعات؛ مبادرًا أو مشاطرًا أو مكافئًا ليكون فردًا نافعا متفاعلًا؛ أخذًا وعطاءً لا مجرد مستهلكًا منهكًا بل ذا فضل وخير عميم(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، ذلك لأن قوام قوة الأمة أفرادًا متعاطين مع العصر مواكبين للتطلعات منتجين مكتسحين للمعالي، ولن يتأتى ذلك دون مرجعية انتماء وتأصيل قيم تؤز الفرد لبذل المزيد نحو تحقيق ماينتظره من مشاركة تكسبه ثناء المجتمع ورضاه كما تحقق المحافظة على ثباتٍ واعٍ ملهم بالتقدم والنماء في إطار المكون الثقافي لبقاء الاستدامة التي تحميه من التفكك والتماهي؛ كي لا يذوب في عولمةٍ تجعل منه رفاتًا بالية وحطامًا هامدة.
▪️الهوية الثقافية ليست وليدة الصدفة كما أنها ليست بمنأى عن الاندثار؛ لذا وجب علينا المحافظة عليها كونها الوعاء الذي يندرج تحته الكثير من نظم المجتمع وتشريعاته وعلاقاته ومعرفاته ومقوماته أو مايعرف بمثله وقيمه وعاداته التي تشكلت ونضجت وتكاملت على مر العصور والأجيال بشيء من التنقيح والتمحيص؛ لتظل إطارًا شاملًا ونبراسًا سائرًا ينأى بالجيل الصاعد عن التيه والتخبط والضياع في ظل الهيمنة المكرسة للانصياع في بوتقتها -في حال ضعف الجذور والتخلي عن الأصل – ليفقد إزاء ذلك مكتنزه ومرتكزه ونقطة ثباته فيسهل انجراره وانجرافه في طوفان العاصفة المدمرة التي ما أتت عليه إلا جعلته أثرًا بعد عين..وهيهات حينها أن ينفع ندم أو يعاد للجفن دمع قد انهمر.
▪️ قد يتساءل أحدنا:
ما الحل؟!
ومن المسؤول؟!
بما أن وزارة التعليم أخذت على عاتقها تربية وتعليم الأجيال منذ نعومة أظفارهم؛ فإن المسئولية تنصب عليها في بناء (منهج للتربية القيمية والأخلاقية) يستند لمرجعية دينية مجتمعية يندرج تحته القيم والمثل والعادات التي تُشكل الهوية الوطنية؛ لتأصيلها، وتدعيم بقائها وغرس الاعتزاز والفخر لا المفاخرة، والاعتدال لا المباهاة والبذخ؛ لتشكل في مجموعها سلوكًا يربى بالإنسان المسلم عن سفاسف الأمور كما يرتقي بذائقته ونبله ليكون حسن الخلق، عالي الهمة، طيب الأثر، جميل التعامل، كريم البذل، مكرس الجهد، مثابرًا، حصيفًا حليمًا مستعصمًا بقيمه متمسكًا بدينه محافظًا على عاداته، وقيمه لا معتديًا أو منطويًا أو متعصبًا أو متطرفًا أو متطفلًا أو مطواعًا منقادًا كما ليس خانعًا أو خاضعًا مرتكسًا في التيه أو مرتميًا في خضم مجون أو توجه مسموم أو منخدع ببريق لا مع أو سراب كاذب خادع.
♦️وقفة:
ياترى هل تتكامل الجهود بين وزارة التعليم، ووزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، ومؤسسات المجتمع بعامة في ترسيخ الهوية الثقافية الوطنية التي هي مصدر ثباتنا وموئل عزنا، وشموخنا، وتفردنا، وتميزنا، بل وتلاحمنا وتراحمنا وقوتنا -في ذات الوقت -في مواجهة ما يعترينا أو يستهدفنا من قوى أرضية أو فضائية؟!
لعل ذلك أن يكون!!
0