عبدالرحمن العامري

رُمان بنكهة الإدمَان !!

تُشكل ظاهرة المخدرات إحدى أبشع الظواهر التي يعيشها عالمنا المعاصر. وأشدها خطورة؛ وذلك بالنظر للآثار المدمرة التي تخلّفها على صحة الشعوب، وتأثيرها السلبي على اقتصاديات الدول، وتقدمها واستقرارها لذلك تحتل تجارة المخدرات المراتب الأولى بين أكثر أنواع الجرائم المنظمة انتشارًا على مستوى العالم لذلك فإن جميع الحكومات والمنظمات الدولية تضع الخطط والبرامج التي تُعنى بمكافحة هذه الظاهرة على المستوى الوقائي والتوعوي أو حتى على المستوى القضائي؛ وذلك بسن قوانين وتشريعات تحد من انتشار هذه السموم؛ كونها ترتبط بالكثير من أنواع الجرائم، وتشكيل العصابات.

كما تُعد عملية تهريب المخدرات من أخطر وأهم وأدق المراحل التي تمر بها تجارة المخدرات لذلك يجب التعامل مع هذه المرحلة بكل حزم وصرامة لكي تتمكن الدول من القضاء على الإدمان، وجعل عملية تهريب المخدرات مستحيلة وتجفيف مصادر البيع والتوزيع لكي نحمي المجتمع بشكل فاعل وإيجابي من هذا الخطر الجسيم مع أننا ندرك أن مكافحة تهريب المخدرات تُعد عملية معقدة تتطلب التطوير المستمر لأجهزة الكشف والرصد وتطوير القوى البشرية العاملة في مكافحة هذه السموم، وكذلك تطوير وسائل جمع المعلومات الاستخباراتية عن تجار ومروجي المخدرات والاستعداد الدائم لمواجهة المزيد من الحيل الذكية التي يبتكرونها فهم لا يتوانون أبدًا في تجربة وسائل جديدة وتطوير أساليب التهريب من حين لآخر، ليتمكنوا من تضليل الجهات المعنية بمكافحة هذه الظاهرة لاسيما أن تجارة المخدرات اصبحت عابرة للقارات، وتمتهنها عصابات على مستوى عالٍ من التنظيم والسرية؛ بالإضافة إلى أنها تمتلك أموالًا طائلة ولديها نفوذ كبير في بعض البلدان.

وفي استقراء سريع لبيانات وزارة الداخلية التي تعلنها بين فترة وأخرى نجد أن هناك تزايدًا في تهريب المخدرات على الرغم من الجهود المبذولة من كافة الجهات المعنية بمكافحتها، والتي تُعد محل تقدير واهتمام القيادة والمجتمع السعودي، والتي باتت تحتاج إلى جهود مكثفة على كافة الأصعدة من أجل تجفيف مصادر هذه السموم وفرض القيود على حركتها بين الدول بالإضافة إلى تحصين المجتمع ضد الإدمان عليها، وإنزال العقوبات المغلظة بكل من يعمل بها سواء بالمتاجرة فيها أو تهريبها أو ترويجها خصوصًا أننا أمام مرحلة خطيرة وحرب شرسة تتطلب من الجميع التعاون مع الأجهزة الأمنية والمساهمة معهم في هذه الحرب التي يشنها أعداء الوطن ضد مجتمعنا وشبابه.

ومن هذا المنطلق فإن قرار حكومتنا الرشيدة الذي أُعلن مؤخرًا ونص على منع دخول الفواكه والخضراوات اللبنانية إلى بلادنا، أو العبور من أراضيها، جاء انطلاقًا من مسؤوليات قيادتنا في حفظ أمننا الداخلي، وحفظ أمن دول الجوار من خطر المخدرات القادمة من لبنان؛ حيث جاء هذا القرار بعد سلسلة من المحاولات لتهريب كميات ضخمة من المخدرات داخل البضائع (الفواكه والخضراوات) القادمة من لبنان، والتي كان آخرها شحنة الرمان المنكهة بطعم الإدمان الأمر الذي حتم على الجهات المعنية اتخاذ هذا القرار.

وعند النظر في دواعي هذا القرار الذي اتخذته بلادنا في هذا الشأن، نجده محصلة لمجموعة من الأسباب التي سبقته ومهّدت له، في مقدمتها سبق الإصرار الممنهج في تهريب المخدرات من لبنان إلينا، والذي تجاوز مفهوم الحالات الفردية، وبات جريمة منظمة ومهددة للأمن الوطني السعودي والأمن الإقليمي؛ خاصة في ظل اعتماد بعض الجماعات الإرهابية على تجارة المخدرات لتغذية نشاطاتها الإجرامية؛ حيث تفننوا في أساليب ومهارات تهريب هذه السموم الخطرة وإخفائها بعدة طرق مختلفة عن أعين الرقابة وعن مفتشي الجمارك وأفراد مكافحة المخدرات إلا أن يقظة وبسالة رجال أمننا حالت بينهم وبين خططهم، وكانت لهم بالمرصاد.

وفي الختام فإن الآثار المترتبة على تعاطي المخدرات مدمرة للإنسان والمجتمع، ومخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها لذلك كان مصيرها التحريم بيعًا وشراءً و تهريبًا وتسويقًا وربحًا؛ لأن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام؛ لذا فإن المسؤولية تقع علينا جميعًا، وتحتم علينا التعاون التام مع الجهات المختصة من خلال الشراكة المجتمعية لرفع الوعي بمخاطر هذه الآفة الفتاكة وقطع دابر كل من تسول له نفسه العبث بشعبنا والإضرار بمجتمعنا، وجعلهم عبرة لمن يعتبر.

وخزة قلم:
السعودية خط أحمر، وتجاوز الخطوط الحمراء يفجر براكين الغضب عند الشرفاء.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button