المقالات

” الرحمة ” بين بسط التاء .. و ربطها و الرجاء

من منا لا يرغب فيرحمةالله  من بعدرحمتالله  بعد أن ضاقت عليه الدنيا بما رحبت..!

الإجابة لا أحد ..!

الجميع يرغب فيرحمة  الله ..

أما أنا فأرجو من الله بشدة  لي و لكم  فيرحمةالله المرجوة و إن اتترحمتالله المبسوطة  فهي الفرج من الله بعد الضيق في الدنيا و مفتاح  كل أمرٍ عسير ..!

سأورد قصة لنتعرف  على معنىالرحمةبين بسط الضيق أو الرجاء.!

يحكى أن دكتورا دخل إلى قاعة المحاضرات و قد امتلأت كالعادة بعدد من طلابه و بعد القاء التحية عليهم  بادر الدكتور بتدوين جملتين على السبورة قبل أن يبدأ درسه و رسم “التاء” فيهاعلى شكلين من أشكال حرفالتاء ” المفتوحة و المربوطة (رحمت الله) و(رحمة الله ) واثناء الكتابة ظن البعض للوهلة الأولى أن دكتورهم الفاضل جانب الصواب و تعالت أصوات البعض من الطلاب مستنكرين ما وقع فيه الدكتور من خطأ فادح  بوجود هذا الخطأ اللغوي في جملة ( رحمت الله ) في نظرهم..!؟

فترك الدكتور الأمر لطلابه حتى هدى ثورانهم و وجه لهم السؤال قائلاً من يعرف الفرق بين رحمت .. و .. رحمة الله ) ؟

فقال معظم الطلاب بصوت واحد: أنه خطأ إملائي في كلمة:(رحمت )..!

فقال الدكتور: لا يا ابنائي فقد وردت في القرآن الكريم بالرسمين في عدة آيات في مواضع مختلفة ، وهذا ما أردت  أن اوضحه لكم فيالمحاضرة حيث إن موضوعونا : في الدراسات البلاغية من القرآن الكريم ؛ ( دقة الألفاظ في التعبير القرآني)؛ فالفرق بينهما دقيق للغاية لا يدركه إلاّ من يتلو القرآن بتمعن وتدبر ليتمكن من نيل أجر الرحمتين في المعنى و قد اختلف استعمالها حسب المعنى و السياق كالتالي :

فأمّا الرحمة التي تأتي فيها التاء فيها مفتوحة أو مبسوطة (رحمت) .. مفادها أنها رحمة بسطت بعد قبضها و أتتْ بعد شدة أو فبض أو جدب أو يأس و تكون مضافة مباشرة  دائماً للفظ الجلالة عز وجل

ومن أمثلة ذلك :

-قال الله تعالى : ( قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ۖ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ )، ففتحت بالبشرى بعد قبض و يأس فجأتالتاءمفتوحة للدلالة على رحمة الله و اعجازه بعد أن بلغ نبي الله إبراهيمعليه السلاممن العمر عتيا وكانت زوجته سارة عاقر لا تحمل ولا تلد، لتأتي البشرى لإبراهيمَعليه السلام  و زوجِه كما وردت في الآية حيث رُزق باسحاق –عليهما السلام-.

وجاءت في قوله تعالى :(ذِكرُ رحمتِ ربّك عبدهُ زكرِيّا)،ففتحتالتاءدلالة على الرحمة بعد قبض و يأس و انتظار فاستجاب الله  دعاء زكريّا – عليه السلامبطلب الولد فوهبه الله يحيىعليهما السلامبعد أن  طعن في السن و أمراته عاقر..!

– و ايضاً وردت في قوله تعالى 🙁 فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَت اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ، ففتحتالتاءللدلالة على رحمة الله من بعد قبض و جدب و موت فأحيا الله الأرض بعد موتها.!

كما أنالتاءالمبسوطة أو المفتوحة تدل على اتساع قدرة الله سبحانه كما وردت في قوله تعالى 🙁 ورحمتى وسعت كل شئ )، فجأتالتاءالمبسوطة أو المفتوحة للدلالة على اتساع رحمة الله سبحانه .

أما الرحمة بالتاء المربوطة “ة” رحمةفهي رحمة مرجوة لم تفتح للسائل بعد ، فالعابد القانت الساجد آناء الليل يعمل على ذلك ويلازم الدعاء رغبةً  وطلباً وراجياً لـرحمةربه في الآخرة ألا وهي الجنة.. ومن منا إلاّ يرجوها و يطلبها في صلاته ودعائه  و اعتقاده ..!

ولكن تلك الرحمة حالت بيننا وبينها الحياة الدنيا وستفتحتاءهالنا يوم القيامة إن شاء الله.!

ومن أمثلتها في القرآن الكريم :

قال تعالى : ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه…)، فجأتالتاءتاء مربوطةةفي كلمة رحمة لأنها مرجوه ولم تفتح تلك الرحمة بعد.!

وهي رحمة موعود بها ، كما في قوله تعالى: (فأما الذين أمنوا واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضلٍ ويهديهم إليه  سراطاً مستقيماً)، فنلاحظالتاء مربوطةةفي لفظةرحمةلأنها رحمة موعودٌ بها و مرجوة .!

اللهُمّ إني اسألك سؤال المضطر القانت الموعود راجياً لرحمتك لي و لمن قراءها و لأبائنا و أمهاتنا الأحياء منهم و الأموات ، نسألك أن تفتح لناتاءكل رحمة قُبضت و اجدبت و أُغلقت بيأس أو عجز، و أن لا تحرمنا رحمتك المرجوة في أخرتنا

وأن نكون من أهل (رحمتك ) بتائيها المبسوطةتأو المربوطةة“… اللهم آمين 

@gemy391

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button