جريمةٌ بشعة يشهدها العالم أجمع تحدث عنها الشرفاء بحرقة وألم، وتسابق المنافقون لتبرير الأعمال الوحشية الممارسة من كيان مجرم ضد شعب أعزل مما جعل القدس ينتفض ضد المغتصب الغاشم، ضد العدو المتغطرس، من دولة متعجرفة لا يجدي معها سلام، ولا ينفع معها تطبيع، ولا حتى مهادنة وخاصة مع من قدم لها تنازلات وصدق أن هناك سلام مع دولة مارقة، وشعب عبر التأريخ لايعرف معنى معاهدات، ولا يلتزم بأية بعقود، ولا يكترث بشيء من المواثيق، شعب لا يعرف إلا القوة مقابل القوة ولنا في كتاب الله عبرة مع هؤلاء الشرذمة، ولنا في سيرة المصطفى عظة مع هؤلاء الخونة، ولنا في التأريخ قصص تُروى، وأحداث يُستفاد منها ولكن ليت قومي يعلمون. قومي الذين يشتبكون الآن مع بعضهم في حسابات ساذجة، وعبارات جوفاء لاتسمن ولاتغني لتظهر مساوئ فريق عن فريق آخر، للبحث عن اختلافات نجح العدو في فرضها واستغلاها لمصلحته. نعم هناك اختلافات جذرية، نعم هناك نوايا غير حسنة، لم يعد شيء يُخفى على الجميع، ولكن لا وقت لكل هذا، فلكل حادثة حديث، ولا عزاء للمطبعين.
وفي ميدان الشرف تكثر مواكب الشهداء من الشعب المكافح، من الشعب المغلوب على أمره بعد التصدي للمعتدي بما لديهم من قوة محدودة، وإمكانيات بسيطة. فتجد صور المقاومة متنوعة، ومشاهد التضحية متعددة فتسمع وترى بوضوح تلك الأم المحتسبة وهي تفخر بتقديم أبنائها الشهداء فداء للأقصى وتطمح وتطمع بجنة عرضها السماوات والأرض، ولم تغب عن المشهد ذاته زوجة الشهيد وهي تعد بتربية أبنائها على الدين الإسلامي القويم وتقديمهم؛ للدفاع عن القدس، وتلك المرأة الشجاعة التي تتحدث بمعنويات عالية بعد أن أصبح بيتها مجرد حطام لتقول: ” الحمد لله المال بيتعوض إحنا كله فدى القدس.. نموت ونطيب عشان القدس.. وأولادي كلهم لو راحو فدى القدس ماهو مشكلة….” أي إيمان في قلبها تحمله هذا المرأة وغيرها؟ أي حب صادق يقدم للأقصى؟ أي اعتقاد راسخ بالقضية العادلة ولا يقبل التشكيك أبداً؟ وغيرهم من الرجال والنساء الذين قدموا ومازالوا يقدمون التضحيات المتتابعة من أجل القدس الشريف.
إن المأمول من العرب والمسلمين كافة نبذ الخلافات، وتوحيد الصفوف، وتكثيف الجهود الرسمية؛ للوقوف مع هذا الشعب الفلسطيني الأبي الذي يقاوم هذا العدو الغاشم على مختلف الجبهات القتالية في مواجهة غير متكافئة، وعلى الرغم من تباين القدرات مايزال يقاتل ويقدم الشهداء في سبيل الدفاع عن المقدسات الإسلامية. وهذه المملكة العربية السعودية وكعادتها تجدد مواقفها الثابتة والدائمة في تأكيد استمرار دفاعها عن قضية الشعب الفلسطيني عبر الأصعدة الإقليمية والدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي؛ لمواجهة الممارسات التعسفية لسلطات الاحتلال. والنصر قادم.. قادم.. قادم لامحالة بإذن الله تعالى وهو وعد صادق من رب العالمين لهذه الأمة الإسلامية الخالدة طال الزمان أو قصر.