فشلت كل مناورات الأعداء ضد ولي العهد محمد بن سلمان، واستسلموا جميعًا للأمر الواقع بعد تعثر كيدهم، ولحق بهم المكر السيئ، ومع هذا أجد أن الفرصة مُتاحة لمحاكمة محمد بن سلمان من زاوية أخرى، وبكل تجرد.
من خيمة الأمير محمد بن سلمان الذي يُدير أحد أكبر اقتصاديات العالم، ومن ضمن الجي عشرين أجد مواجهة سانحة وعادلة من خلال الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل دون وضع وزير خارجية لبنان في خانة الاهتمام نهائيًا.
الأمير محمد بن سلمان واجه قاعة حضور خيمة البدو بالأرقام الإحصائية التي تقول أن عدد سكان مصر والعراق، وسوريا ولبنان، والجزائر وتونس، والمغرب والسودان والأردن 324 مليون نسمة وعدد براءات الاختراع لدى هذه الدول يصل إلى واحد وأربعين براة اختراع بينما عدد سكان المملكة العربية السعودية لوحدها 21 مليون نسمة ولديها 646 براءة اختراع، عدد الميداليات التي حققتها هذه الدول في مسابقات الأولمبياد العلمي (فيزياء، كيمياء، رياضيات) أربعة عشر ميدالية بينما حققت السعودية في زمن الحزم والعزم خمسًا وأربعين ميدالية، عدد الجامعات المدرجة ضمن تصنيف شنغهاي لأفضل جامعات العالم عام 2017 لا يوجد جامعة عربية ضمن التصنيف بينما وصلت أربع جامعات سعودية لقائمة أفضل خمسمائة جامعة عالمية، بلغت القيمة السوقية للدول العربية كافة عام 2017 من خلال أربعمائة وواحد وستين شركة مدرجة في السوق ما يقرب من خمسة وستين مليار دولار بينما شركة سابك السعودية لوحدها القيمة السوقية تبلغ ثمانين مليار دولار.
محاكمة محمد بن سلمان طوّر الصحراء وحولها للرقم الصعب اقتصاديًا، وحولها إلى سادس وجهة للبحث عن فرص العمل والعيش الكريم بين دول العالم، وهذه الخيمة البدوية كشفت ما قام به الأمير محمد بن سلمان من فكر متقدٍ في مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، التي تعتبر نقلة إصلاحية تُلبي كل مضامين استراتيجية الرؤية 2030، والتي ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية”.
المواجهة العادلة للأمير محمد بن سلمان كشفت جزء من برامج رؤية 2030 بالمشروعات الكبرى؛ لتسهم في رفاهية المجتمع وتوفير الوظائف وجذب الاستثمارات العالمية، وقد تم محاصرته بالبترول فكان جواب المتهم مسكتًا لكل المرجفين؛ حيث أتى الاقتصاد السعودي غير النفطي؛ ليضاعف أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020 بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015، إلى جانب زيادة مشاركة الصندوق في الناتج المحلي غير النفطي بمشاريع عملاقة منها مشروع نيوم، والذي يعتبر من أضخم المشاريع الاستثمارية في العالم، وهو مشروع عبارة عن تحدٍ فعلًا للإنسان العربي والسعودي البدوي على وجه الخصوص؛ لتحويل الأرض البكر بمساحة 26500 كم2 إلى معلم جغرافي اقتصادي سياحي استثماري لعدة مدن جديدة بمواصفات علمية وبيئية لم يسبق لأي دولة تنفيذها والموانئ والمناطق التجارية ومراكز البحوث والمرافق الرياضية والترفيهية والوجهات السياحية، وهكذا يقدم بدو الصحراء في نيوم أحدث موقع في العالم للعيش، والعمل لأكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم، وأحدث مركز للابتكار وتسويقها بأساليب مبتكرة كرافد اقتصادي غير بترولي.
ووضع الأمير محمد بن سلمان المجتمع برمته مطلع 2021 أمام واقع “نيوم” بقيمة خمسمائة مليار دولار أمريكي، والذي جلب البحر الأحمر بكل مميزاته ليكون ضيفًا على صحراء البدو وقمم الجبال وانسياب السهول والوديان في مشروع استثماري يفوق مستوى التفكير البشري؛ وذلك بإطلاقه مشروع “مدينة ذا لاين” الخالية من ملوثات العصر وضجيج الآلات بحياة عصرية ستكون حديث العالم بمجتمعات إدراكية مترابطة ومعززة بالذكاء الاصطناعي على امتداد 170كم على مساحة تتجاوز 26 ألف كيلومتر مربع في شمال غرب السعودية، وتعبر منه 13% من حركة التجارة العالمية ويربط قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويسهل وصول 70% من سكان العالم إلى نيوم خلال 8 ساعات، فضلاً عن أنه يعد المدخل الرئيس لجسر الملك سلمان الذي سيربط بين آسيا وأفريقيا، وتقدر استثماراته بـ500 مليار دولار، ضمن بيئة بلا ضوضاء، وخالية من المركبات والازدحام، واستجابةً مباشرة لتحديات التوسع الحضري التي تعترض تقدم البشرية، وسيتم تشغيل المشروع بالطاقة، ويتوقع توفر 380 ألف فرصة عمل، ويساهم بمبلغ 180 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي.
محاكمة القرن أتت على قلب الصحراء وبدوها ورمالها وطويقها فكان جواب الأمير محمد بن سلمان مشروع “القدية” الذي يُعد واحدًا من أهم المشاريع المتعلقة بقطاع الترفيه في العالم، ويقع المشروع الذي يبعد 40 كم من الرياض على مساحة 334 كيلومترًا مربعًا، وسترسم القدية ملامح اقتصاد المستقبل متعدد القطاعات، ومن المرتقب أن يغير هذا المشروع ملامح خريطة الاستثمار بقطاع الترفيه في العالم، وستبدأ مراحل التشغيل في 2023 بعد توفير 11 ألف وحدة سكنية.
الاتهامات توالت من الشمال الغربي ثم الصحراء إلى الجهة الغربية لبلاد البدو فقدم المتهم خلال المحاكمة تفاصيل مشروع البحر الأحمر، والذي يعتبر من أبرز المشاريع الكبرى التي تنفذ في إطار رؤية 2030، وهو مشروع سياحي عالمي، ويُقام المشروع على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالًا وتنوعًا في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 90 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، بقيمة 12 مليار ريال، ويتكون المشروع من 90 جزيرة داخل أرخبيل، وسيتم في المرحلة الأولى تطوير 22 جزيرة وتشييد 50 فندقًا بها بحلول 2030 توفر 1300 وحدة سكنية إلى جانب 100 فيلا على جزيرة أمهات الشيخ، وكشفت المحاكمة عن ثلاثة تريليونات ريال تم ضخها من صندوق الاستثمارات العامة، وأربعة تريليونات ريال تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار.
لم تنتهِ محاكمة خيمة البدو؛ فقد دافع الأمير عن جميع الاتهامات بالمعلومات الرقمية الواضحة للعيان؛ حيث عرج على مشروع الطاقة النووية في مجال تطوير تنظيم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وبناء محطة نووية مدنية لإنتاج الطاقة، تتكون من مفاعلين نووين.
آخر الاتهامات داخل خيمة البدو عن مرتفعات عسير السياحية فجاء الرد بإطلاق شركة السودة للتطوير في منطقة عسير باستثمارات تتجاوز قيمتها 11 مليار ريال، وتهدف الشركة المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، للاستثمار في البنية التحتية وتطوير قطاعي السياحة والترفيه، من خلال العمل على تطوير منطقة المشروع التي تشمل السودة وأجزاء من محافظة رجال ألمع، لتصبح وجهة سياحية جبلية، وتقدّم مرافق سكنية وترفيهية، ستساهم بزيادة إجمالي الناتج المحلي تراكميًا بـ29 مليار ريال، وإيجاد 8000 فرصة وتطوير 2700 غرفة فندقية، وتطوير 1300 وحدة سكنية، وتطوير 30 مشروعًا تجاريًا وترفيهيًا، استثمارات متنوعة تشمل 20 مشروعًا بقيمة تتجاوز 3 مليارات ريال، واستقطاب مليوني سائح سنويًا، وإنشاء أكبر انتر تيمنت بارك عالمي في منطقة عسير.
رفع قضاة خيمة البدو جلسة المحاكمة التي تهم السعودية وسكانها فقط ليطمئنوا على الجوانب المضيئة في مسيرة الوطن، وقيمة الإنسان وكرامته والمعنى الحقيقي لبهجة الحياة، وكان قضاة المحاكمة التي تمت في صحراء جرداء قد أصدروا صك البراءة للأمير محمد بن سلمان الذي نفخر به جميعًا لوضعه على رؤوس الأشهاد، ويكفي ما قالته مذيعة لبنانية بأن كل بلد عربي يتمنى لو لديه شخص واحد فقط مثل محمد بن سلمان….. حنا بدو ونفتخر بمنجزاتنا الحضارية، وولي عهدنا تاج على رؤوسنا.