(لماذا أحبه) وليس (لماذا يحبني)
هذا سؤال “المأدبة” الذي استوقفني مع أنها تحكي الكثير والكثير من أراء الفلاسفة القدماء حول هذا الشعور.
أيّاً كان وعوداً على ذي بدء ليكن السؤال الفائت هو محلّ النزاع وبوابة النقاش كما يقال.
لماذا أحبّه ولماذا يحبّني؟ سؤالان يطرحها الكثير، ليس في باب العاطفة المجردة فحسب، بل نطلقها كثيراً في بعض ما يستوقفنا وعلى الكثير مما يحرك الاهتمام ويستجلب الإصغاء بحب.
حين تكرّس ذاتك في “لماذا أحبه” تخرج تماماً عن “الغير” وتتخصّص في “الأنا” وتخرج عن كونك ردة فعل إلى فعل أصلي يستأنِسُ بالردّ ولا ينتظره، وبهذا السؤال تتحرّر من التبرير لغيرك وتجتهد في فعلك أنت، فتتقن وصف ما تحس وتحس وفق ما يحتمل وتحتمل ما تملك تفسره وتفسّر ما تحمله بلا مراعاة للضفة الأخرى والعالم الموازي، فتحب ما تحب لذاته بعيداً عن أي ظرف أو خلفيّة حدث.
حين يكون هذا السؤال منطقك لن ينتابك الغبن مستقبلاً لعدم التقدير، ولن تجلد ذاتك في آخر منعطفات النهايات المأساوية، وستخرج عن قول الرازي وابن سينا في كون الحب علّة ومرض.
(أحبّك بلا ثمن وأثمّن حبك إنْ وقع)
لماذا يحبني؟ سؤال مشروع ولكن، من يحمل بعض سقراط مثلاً لن يأتي على هذا السؤال إلا على سبيل تفحّص ردّات الفعل ومدى أحقيّة الرد بذلك الفعل، وقيمة ذلك الابتداء الموجّه والانطلاق المبتدي، ويمكن لنا العيش قروناً دون أن نسأل أو أن نهتمّ بما يعود به السائلون.
تجاوبك مع أحد تلك الأسئلة ربما يصنع فلسفتك تجاه الحب، كما أنه يعطي انطباعاً لا بأس به لما سيؤول إليه الحب معك وبك وفيك، ولو تعاطيت بذات السؤال مثلاً كما صنع شوبنهاور “المتشائم” وكيف صنع من الحب غطاء للرغبة وحجاباً على ما يعيب انفضاحه، وكما يقول “تنتهي الرغبة ونعود إلى عالمنا المعذّب” وبذات السؤال تجد “بيرتراند رسل” يوحي بشيء من هذا ولكن بأقلّ حدّة، وهكذا تستطيع تلمّس زاوية كل إنسان من خلال إجابته.
ولسنا هنا بصدد تتبع أراء الفلاسفة في الحب، ولكن لنشير إلى كمية تأطير إجابة ذلك التساؤل لزاويتك وزاويتي وزاوية من سبق تجاه ذلك المصطلح المشعّ.
ختاماً.. قد تحب أحداً لأنك ترى فيه ذاتك، وربما ترى فيه بعض من تحب، فهل يحق لك أن تسال عن مقدار حبه لك وقيمة شعاعك في سمائه …؟
تبهرني في انتقاء مقالاتك السهل الممتنع الذي افهمه ويصعب على تقبله أحيانا أرغب أن اتعامل معه وبه ولكن كلماته تزيد حيرتي وتكبر به دائره غربتي احبه أو لماذا احبه