لاتزال هواية الصيد تٌدغدغ عواطف شبابنا، وتشعرهم بالبطولة وإظهار القوة، وكانت من التراث العربي الأصيل الذي تتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل، وتسطر حوله الأساطير وتروى فيه الأشعار، وإن كان الصيد هواية عربية إلا أنه كان في السابق وأيام الجوع والفقر من أسباب الحياة ومصادر الرزق لابن هذه الصحراء يقتات منها، ولكن مع تطور الحياة ودخول الحضارة في حياة الناس استغنى الناس، وبقيت الهواية والتفاخر إلا أن استخدام وسائل الصيد الحديثة من البنادق والشبوك وإسراف كثير من الشباب جهلًا وسفهًا في الصيد أدى إلى انقراض كثير من الطيور والحيوانات البرية، وأصبح البقية الباقية منها مهددة بالإنقراض أيضًا مما اضطر الحكومة للتدخل فأنشأت هيئة معنية بالمحافظة على الحياة الفطرية، وحددت المحميات، ودعمتها بالحراسات الأمنية، ومع هذا استمر الصيد، واستمر التفاخر بهذه الهواية الجائرة؛ فاضطرت الحكومة لتشديد العقوبات ورفع سقف الغرامات المالية لردع البقية المتمادية المستهترة، وهي خطوات مشكورة يرجى لها النجاح.
وفي حادثة صيد الوعل البري، وذبحه في منطقة الباحة بعد ساعات من إطلاق الهيئة الوطنية للحياة الفطرية له برعاية إمارة المنطقة يكشف في هذه المعادلة معضلةً وخللًا جسيمًا رغم أن الجهات الأمنية ألقت القبض على الجناة، وأن غرامة صيد الوعل (60000 )ريال إلا أن علامة الاستفهام تطرح نفسها أين يكمن الخلل؟ هل هو جهل وعدم وعي بأثر هذا الفعل ونتائجه أو أن الجهات المعنية لم تنجح في التوعية اللازمة لكل شرائح المجتمع، ولم تستغل كل الوسائل المتاحة أم أن العقوبات المعلنة لم تكن رادعة بمايكفي لمنع مثل هذه الواقعة أم أن هناك أسبابًا لا نعلمها أعمت هؤلاء الشباب عن التبصر بنتائج ما اقترفوا.
إن هذه الواقعة وإن كانت فردية، ولا تنم عن ظاهرة مجتمعية إلا أنه يتعين على الجهات المعنية دراستها، وتحليلها واستقراء النتائج، ومعالجة الثغرات سواء كان ذلك في الوعي أو في الأنظمة واللوائح أم كان ذلك في إجراءات عمل الجهات المعنية.
0