لا أجدُ حرصاً في نفسي على الأغلب؛ لمتابعة برنامج يكون موعداً فيه لمسؤول على إحدى القنوات السعودية، أو حتى القنوات الفضائية المملوكة لرجال أعمال سعوديين؛ لمناقشة قضايا مختلفة تخص المواطنين سواء كانت هذه القضايا اجتماعية، أو اقتصادية، وغيرها فلا أجزم أن كل حرف سوف يُنطق به أُدرك أنني أعرفه مسبقاً ليس من باب التنبؤ والتوقع ولكن من باب اليأس، وخيبةالشعور. وبمعني آخر لاجديد لدي ذلك المسؤول. مع العلم أن أولياء الأمور حفظهم الله يسعون للازدهار والرفاهية للوطن والمواطن. وتتعجب هل هذا المسؤول ليس ممن يسمع كما نسمع نحن من توجيهات سامية مستمرة بتسهيل وتوفير الحياة الكريمة لكل مواطن، بل يتجاوز خير هذا التوجيه ليصل للمقيم ولكن يبدو أن لاحياة لمن تنادي لدى بعض المسؤولين.
فللأسف ماتحدث به مؤخراً مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للشؤون التأمينية عبر شاشة قناة الإخبارية هو مجرد نموذج لمسؤول يبدو لايهمه كثيراً شأن الوطن والمواطن، وامتداداً لنماذح من مسؤولين.. آخر اهتمامهم ذلك المواطن الذي يستبشر بقرارات سعيدة تعينه وتسعده؛ ليمضي في حياته. ويكفي حقيقة المواطن تعاسة مثل هذه الآراء الغريبة، والأفكار السقيمة من المسؤولين فأين يجد نفسه من مسؤول يبشر المواطنين بحياة مؤلمة في المرحلة القادمة، وآخر ينادي بأهمية التقاعد المبكر ومن ثم التعاقد من جديد لنفس الوظيفة والراتب..! ومسؤول يُحاسب على خدمات هامة مستحقة مقدمة للمواطن بفواتير استهلاكية تقديرية..! وصولاً لهذا المسؤول العجيب في قضية جديدة يتحدث من خلالها بشؤم وتبرم عن الحياة المادية للمواطن عند التقاعد، و التقاعد المبكر على حد سواء.
إن من الشجاعة المفترضة في أي مسؤول وتحديداً هنا فيما طرحه المساعد للشؤون التأمينية من عوائق عديدة من وجهة نظره الغريبة تتمثل في: ضعف العائد من دفع المشترك 9٪، إضافة لطول أعمار الموظفين حيث تصل إلى 77سنة، وأخيراً تصرفات الموظفين من حيث التقاعد المبكر. وكل هذه المشاكل أو العوائق ولم يجد هذا المسؤول حتى الآن الحلول الناجعة لهذه المشكلة كان من الأجدر أن يترك منصبه حالا وبلا تردد؛ لأنه أصبح أشبه بالموظف المراسل الذي ينقل المشكلة لمديره المباشر ولايستطيع ابتكار خطوات العلاج، ولا حتى مجرد مشاركة في الرأي. وعلنا نجد ذلك المسؤول الطموح الذي يدرك أبعاد الواقع المعيشي جيداً ويملك الهمة والعزيمة في معالجة هذا الوضع المتأزم منذ سنوات. وهذا بالمناسبة ليس بالجديد على مؤسسة التأمينات الاجتماعية ففي سجل تاريخها القديم خسائر معروفة؛ لاستثمارتها الفاشلة منذ أعوام مضت. فهل ينتظر المواطن مرة أخرى مثل هذا المسؤول؛ ليجد مبررات جوفاء، وخسائر أخرى لاسمح الله هذا مالا نأمله بالطبع.
وش الحلول التي تنتظرها من امثال هؤلاء الموظفين الذين يخافون فقط على حياتهم تتأثر بالوضع الاقتصادي …فهم لاينظرون للمواطن والوطن إلا من زوايا المادة فقط….
لأن فاقد الشيء لايعطيه …
لا أحد يفهم ما معنى أن يقابل المتقاعد الصدمات تلو الصدمات بصمت تام ، و لا أحد يفهم ما معني أن يبتسم إبتسامة عريضة أمام المواقف التي تدعوه للبكاء ، لا أحد يفهم ما معنى أن يغلي الموت بداخله عشرات المرات في اليوم و الليلة و هو علي بعد خطوات من لحظة الانتحار .
متي يفهم هؤلاء ان المتقاعدين اشخاص غير مؤذين يتعرضون منهم للكثير مِن الاذى ، و انهم ليسوا علي هامش الحياة احتياطياً فهم عقلاء و لهم عقول تفوق عقولهم ، و انهم قطعوا علي انفسهم عهداً بأن من لا يقدر قيمتهم يعتزلوه .
كان من الاجدر بهؤلاء الذين يمثلونهم في التأمينات ان يرفعوا من معنوياتهم و ان يقولوا لهم بالأقوال و الأفعال لا كذباً بإن حياة متقاعد واحد منكم تساوي عندنا اموال مليون صندوق تأمينات وجد على وجه هذه الأرض .
تحياتي