في مُعظم دول العالم تتولى البنوك إدارة واستثمار الاستقطاعات التقاعدية لموظفي القطاعين العام والخاص، وهناك دول لديها هيئات متخصصة على غرار ما يوجد في بلادنا لكن الموظف مُخير بينها وبين البنوك. الدعم الكبير الذي قدّمته الدولة لمؤسستي التقاعد والتأمينات منذ تأسيسها يتضح الآن بجلاء أنه لم ينتج عنه مؤسسات مليئة ماليًا واستثماريًا؛ فقد ذهبت أموال الدعم الحكومي والاستقطاعات إلى رواتب عالية وحوافز ومباني واستثمارات محدودة العائد لذلك؛ فالأمر يحتاج إلى مراجعة وقرار حازم من قيادتنا الرشيدة يُخرج المتقاعدين من حالة القلق ليعيشوا مطمئني البال ما بقي لهم من عمر، اتضح أن بعض من أُوكل لهم مسؤولية إدارة واستثمار مستحقاتهم التقاعدية يُمنون النفس باختصاره لمداراة إخفاقهم.
النظام البديل يعطي البنوك صلاحية توقيع عقود معتمدة من البنك المركزي مع موظفي القطاعين العام والخاص لاستثمار ما يستقطع من مرتباتهم الشهرية، ويحول شهريًا من جهات التوظيف لحساب تقاعد الموظفين في البنوك مقابل تأمين مرتباتهم التقاعدية بعد التقاعد وفق النظام المعتمد من الدولة. سيساهم النظام في زيادة الودائع البنكية وتنشيط تمويل الاستثمار كما سيوزع جهد إدارة واستثمار الأموال المستقطعة من رواتب الموظفين شهريًا على كافة البنوك السعودية؛ للاستفادة من خبرات البنوك في الاستثمار المالي لضمان عوائد مالية مستقرة تُغطي المستحقات التقاعدية للمشتركين عند استحقاقهم للرواتب التقاعدية.
وفقًا لذلك ستتولى إدارات الموارد البشرية بالأجهزة والمنشآت المختلفة التنسيق مع البنوك المشاركة في استثمار الاستقطاعات التقاعدية وفق العقد المعتمد من البنك المركزي، وللموظف أن يختار البنك المناسب حسب ما سيقدمه كل بنك من امتيازات مُضافة قد يطرحها كل بنك لزيادة المشتركين لديه. النظام المقترح يمكن تفعيله متى استكملت الإجراءات النظامية ليدشن تطبيقه على الملتحقين الجُدد بالعمل في القطاعين العام والخاص.
أما من هم على رأس العمل فيطبق عليهم النظام، ويتاح لكل منهم أيضًا توقيع عقد صرف مستحقاته تقاعدية مع أحد البنوك على أن ينقل ما تم اقتطاعه من رواتبهم منذ بداية الخدمة من صندوقي التقاعد والتأمينات إلى البنوك المتعاقدة. وفيما يتعلق بالمتقاعدين فالمناسب أن يكون لهم برنامج خاص في وزارة المالية ينظم صرف مستحقاتهم التقاعدية مما تبقى من موجودات وأصول صندوقي التقاعد والتأمينات إلى الوقت الذي تنتفي الحاجة لاستمرار هذا البرنامج.
من الواضح أن السياسات الاستثمارية لصندوقي التقاعد والتأمينات خلال العقود الماضية لم توفق وهي حالة إخفاق تمس نتائجها بشكل مباشر حياة المتقاعدين الأحياء أو ذويهم من الأرامل والقُصر كما تمس مستقبل الموظفين على رأس العمل بعد التقاعد واستمرار الأمر على ما هو عليه يُنذر بأزمة حقيقة قد تضطر الدولة معها إلى الاقتراض أو اتّخاذ ما تراه من إجراءات أخرى لتأمين صرف المستحقات التقاعدية. لذا يتطلع الجميع إلى حكمة قيادتنا الرشيدة لمعالجة الأمر على نحو يُنهي حالة القلق، ويضع حدًا لأي مخاطر مُستقبلية تمس حياة المتقاعدين وأسرهم.