المقالات

موسم حج “استثنائي” آخر

العالم أجمع.. ينظرُ بكل دهشة، بل بكل إعجاب، مقرون بالإشادة والتقدير، وبالاعتزاز والفخر، للاستعدادات الضخمة التي تجري في الوقت الحالي على قدمٍ وساق لإنجاح موسم حج هذا العامّ الاستثنائي، الذي قررت قيادتنا الرشيدة – أيّدها الله – إقامته لعدد 60 ألف من حجاج الداخل من مواطنين ومقيمين يمثلون 120 جنسية، ممن تنطبق عليهم المعايير الصحية والتنظيمية، ذلك رغم تداعيات “جائحة كورونا”، وظهور سلالات جديدة متحوِّرة منها في كثير من بلدان العالم ومناطقه، الأمر الذي شكَّل تحديًا جديدًا لجميع الجهات – الحكومية والأهلية والتطوعية – المختصة وذات العلاقة بأعمال الحج، والتي هي جديرة باجتيازه، بحول الله وقوته أولًا وأخيرًا، ثم بعزم الرجال، وسواعد الشباب، وبما يملكه العاملون في الحج، من طاقات متجدِّدة وقدرات كبيرة، وخبرات ميدانية مُكتسبة.
ولقد رسمت كلمات، عرّاب تنمية هذه المنطقة، صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس لجنة الحج المركزية، بضرورة تضافر جميع الجهود لخدمة ضيوف الرحمن، خارطة طريق لكل الجهات العاملة في الحج، وذلك حينما قال سموّه الكريم: “إن الله سبحانه خصّ هذه البلاد بخدمة الحجيج والمعتمرين، وهو شرفٌ لا يضاهيه شرف”، مقدمًا شكره لجميع القطاعات العاملة وحاثًا على تقديم أفضل الخدمات للحجيج، وذلك لدى رئاسة سموه الكريم، اجتماع لجنة الحج المركزية الذي عُقد مؤخرًا، وتخلله استعراض لخطط الجهات خلال موسم حج العام الحالي 1442هـ، وجاهزية المرافق واكتمال منظومة الخدمات لاستقبال ضيوف الرحمن، والمحافظة على صحتهم وسلامتهم في ظل الظروف الراهنة لجائحة كورونا، وتسخير جميع وسائل التقنية لخدمتهم، ومنها استخدام بطاقة الحج الذكية (بطاقة شعائر)، لجميع الحجاج والعاملين في حج هذا العام، والتي ترتبط بجميع الخدمات التي يمكن تقديمها للحاج، مثل: دخول المخيمات، واستخدام وسائل النقل والدخول للفنادق، كما تسهم في إرشاد الحجاج التائهين، وتوقيت الحشود وإدارتها، والمرافق المختلفة. كما رُوعيت أقصى درجات السلامة والمأمونية في جانب الإسكان والإعاشة لضمان صحة الحجيج وسلامتهم؛ حيث سيتم تقديم الوجبات مسبقة التحضير التي تحقق أعلى معايير الجودة والأمن الغذائي؛ بالإضافة إلى التثقيف الصحي، والإشراف على تطبيق الاشتراطات الوقائية في سكن الحجاج وأثناء تنقلاتهم، وتطبيق شروط مكافحة العدوى في مقرات سكن ضيوف الرحمن وإقامتهم.
وفي الجانب الأمني، وليؤدي ضيوف الرحمن مناسك حجهم بكل أمن وطمأنينة، وتنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظهما الله -، ومتابعتهما المستمرة – أيّدهما الله – لتوفير كل ما من شأنه المحافظة على أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام، فقد اعتمد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، الخطة الأمنية العامة لمهام ومسؤوليات الأمن العام لإقامة مناسك حج هذا العام 1442هـ، وفق الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية المتخذة لمواجهة “جائحة كورونا”، والتي راعت الجوانب الأمنية والتنظيمية والمرورية والإنسانية، بما يحقق توجيهات وتطلعات القيادة الحكيمة – رعاها الله – الرامية إلى تسخير جميع الإمكانات لتمكين حجاج بيت الله الحرام من أداء نسكهم وعباداتهم بأمن ويسر وطمأنينة.
كما أقف شاهدًا على عدد من المشروعات التطويرية والتنموية التي نفّذتها الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة – ممثلة في ذراعها التنفيذي شركة “كدانة” للتنمية والتطوير، وذلك بوصفها المطوِّر الرئيس للمشاعر المقدسة -، وتلك التي يجري العمل فيها في المشاعر المقدسة حاليًا، كحلول سريعة للاستفادة منها وتشغيلها في موسم حج هذا العام بمشيئة الله، – وبالشراكة مع القطاع الخاص -، تبعثُ الاطمئنان في النفس، وتُبشر بخير وفير، وتُعد دليلًا عمليًا على ما ينتظر حجاج هذا الموسم من تجهيزات كبرى، تُسهم في الخروج بموسم حج “استثنائي” آخر، ناجح كسابقه، وتتمثل هذه المشروعات في تنفيذ مخيم نموذجي ضخم، يشتمل على مطبخ إعاشة ودورات مياه، ومطبخ مركزي يُحاكي الهوية التطويرية وبمعايير عالية واستدامة، كذلك إنشاء لعدد من مجمعات دورات المياه النموذجية بمشعر “منى”، باستخدام أحدث التقنيات الإنشائية مسبقة التجهيز، وبأعلى معايير الجودة والاستدامة، وبما يُلبي حاجات ضيوف الرحمن، وضمن إطار الاستخدام الأمثل لموسم الحج، وحسب معايير السلامة والوقاية ومواصفاتها.
في الختام، لا يفوتني الإشارة إلى جهود أمانة العاصمة المقدسة لخدمة حجاج البيت العتيق في هذا الموسم؛ حيث نفّذت وكالة الخدمات “بالأمانة”، أعمال إصحاح بيئي كبيرة بمنطقة المشاعر المقدسة وتهيئة الأجواء فيها، ومنها كثير من أعمال التطهير والتعقيم للمخازن الأرضية، ومجاري تصريف مياه الأمطار، ومجمعات دورات المياه، ولعشرات المواقع الحكومية، وعدة مئات من المخيمات.
هذا قليل من كثير، وغيض من فيض، فالجهود كبيرة ويصعب حصرها وتعدادها، وهكذا.. فقد دأبت مملكتنا العزيزة، على حشد جميع الطاقات والكوادر البشرية، وتسخير الإمكانات المادية والتقنية، لخدمة ضيوف الرحمن، ولتحقيق ما تهدف إليه الرؤية الطموحة لتطوير المشاعر المقدسة، بمشروعات تنموية مستدامة وبيئة جاذبة؛ لتحقيق رحلة ميسرة وتجربة ثرية مفعمة بروح الضيافة.
وفق الله سبحانه وتعالى، الجميع لما يُحب ويرضى،،،
—————————
* عميد معهد البحوث والدراسات الاستشارية بالإنابة.
* أستاذ مساعد الهندسة البيئة والمياه بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية.
* مستشار مركز إدارة المخاطر والأزمات (سيف)، بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button