في غفلةٍ من هيئة الرياضة، وسبات اتحاد القدم دخلت بعض الأندية السعودية في نفق مظلم، وكادت أن تُشهر إفلاسها لولا لطف الله ومكرمة الدولة بتسديد الديون الخارجية، واستبشرت الأوساط الرياضية بشهادة الكفاءة المالية التي تُفرض على الأندية تقنين مصروفاتها مع وجود مجالس إدارات ضامنة، وكادت الأوساط الرياضية تضع “بطيخ صيفي”، وتطمئن على مستقبل الأندية التي تقع تحت إجراءات تفرمل هياطها، وتضعها في كورنر الواقع، لكن المنعطف الأخير كشف عورة القلق والهاجس الذي يواجه أنصار الأندية المتعودة فن رفع حجم الديون.
المؤشرات هذه الأيام خطيرة جدًا، وتقول إن أسهم بورصة الديون ستُعيد الأندية لذات الدوامة في غفلة ممن يعنيهم الوضع، والمؤشر يقول إن الأندية ترزح تحت شدة وطأة الديون، وفي نفس الوقت في سباق زمني لعقد صفقات جديدة، وهذا يعني عودة التعاقدات الهياطية وإطلالة رأس جليد الديون بشكل أفظع، وأصعب وأخطر من ذي قبل، وعودة قلق أسطوانة السمعة السيئة للأندية السعودية على الساحة العالمية؛ وخاصة أروقة الاتحاد الدولي ومحكمة الكاس.
تعالوا إلى كلمة سواء، تعالوا لمربط فرس نادي الاتحاد كمثال، وتستطيعون قياس درجة خطورة أوضاع الاتحاد على النصر والأهلي وغيرهما، فأنصار نادي الاتحاد الذين عاشوا تحت الوجع والخوف والهلع من الديون، ومن حبل مشنقة الهبوط، وقد شكى جمهور الاتحاد لطوب الأرض، الجهة المعنية وضعت في أُذن عجين والأخرى طحين ولم تُحرك ساكنًا، مما أجبر رموز الكيان، وأعضاء الشرف إلى تقديم مطالبات للهيئة لحماية النادي من الديون المتزايدة، والسمسرة التي ما أنزل الله بها من “سلطان” فحضرت لجنة قصرت في مهمتها ثم حضرت لجنة ” تقصي”، وكررت نفس المشهد بل ساهمت في الفوضى المالية التي لم تضع لها اللجنة حدودًا قانونية، وإنما استمرت حوالي شهر ثم أعلنت الديون برقم مُفجع، وفجأة ظهرت ديون أخرى تجاوزت أربعة وثلاثين مليون خارج حسابات لجنة التقصي التي كان يُجب محاسبتها على تقصيرها.
لن نتوقف عند لبن لجان هيئة الرياضة المسكوب التي لم تضع حلًا لمشاكل ديون الاتحاد، ولن نعود للماضي المؤلم ولكن تعالوا للجنة الكفاءة المالية وما فرضته على الأندية الرياضية من تقنين مالي رائع، فإذا كانت اللجنة جادة ومدعومة من وزير الرياضة فستحمي الأندية من صداع الديون المزمنة، وبالتالي لن تستطيع الأندية تسجيل اللاعبين، وهذه فضيحة على الرياضة السعودية التي ستسدد مبالغ مالية خيالية للاعبين لن يلعبوا مع أنديتهم، وإذا كانت لجنة الكفاءة المالية تساهلت وعادت للاستثناءات، فإن الديون ستصل حد لا تستطيع معه الأندية السعودية الوفاء بها، وستدخل نفق مظلم.
نعود للاتحاد كمثال فالمنظور الفني يقول إن الفريق يحتاج لقلب دفاع، وقد نجحت الإدارة في التعاقد مع أحمد حجازي، ويحتاج لقلب هجوم فأحضرت إيفو كونرادو وهو مهاجم ثانٍ بنفس تقنيات رومارينهو الفنية، وسوف تتعاقد مع لاعب وسط بنفس مواصفات هنريكي، وبالتالي نصل إلى صفقات ذات قيمة فنية عالية ومالية عالية لكن ليست وفق الاحتياج الفعلي للفريق.
ونستمر في الجانب الاتحادي فالديون المُعلنة رسميًا يُضاف لها رواتب ثلاثة أشهر إلى نهاية فترة التسجيل أغسطس المقبل أي حوالي مائتي مليون ريال، ومعها صفقتان ذات صيت وجعجعة لكن لا يحتاجها الاتحاد أو عليه التخلص من بضاعة المدرب “هنريكي” الذي تمرن في البحرين أكثر من تمارينه في الاتحاد.
الأندية ستدخل نفق مظلم، وسوف يلتف حبل مشنقة الديون والصفقات غير المدروسة حول رقبة كل الأندية الكبيرة دون استثناء مالم تأتِ الحماية الفعلية من وزارة الرياضة قبل وقوع فأس الديون في رأس الأندية.
طريق الديون مظلم للغاية وبصيص شمعة ضبط الحوكمة المالية في آخر النفق يعطينا مساحة من التفاؤل لحل هذه المعضلة التي أعيت من يُداويها.