لم تكن زيارة سلطان عُمان السلطان هيثم بن طارق آل سعيد كضيف حلَ في ضيافة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله-، تحمل الطابع السياسي كأول محطة في جدول زياراته الخارجية الرسمية فحسب، بل لترسيخ مسيرة من العلاقات السعودية؛ تأسست على روابط الدين والجوار والعادات المشتركة، فإن هاتين الدولتين من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي في عام 1981م.
نعم.. حل ضيفًا عاهل عُمان الشقيقة..عندما هبطت طائرته في مطار “نيوم” بالمملكة العربية السعودية، كأول وجهة يقصدها بعد توليه مقاليد الحكم في بلاده لتعزيز في يناير من العام الماضي؛ منظومة هذه العلاقات التي تنطلق من روابط متينة من خلال موقع إستراتيجي هام يطل على بحرٍ ومحيط، مما يُشكل موقعًا إقليميًا دوليًا مميزًا على البحار المفتوحة، إلى جانب إطلالة سلطنة عُمان على أحد أهم المضايق البحرية في العالم، وهو مضيق هرمز في أقصى شمال السلطنة، وهناك المحيط الهندي، وبحر العرب في شرق، وجنوب السلطنة؛ علاوة على بحر عمان والخليج العربي.
كما تتناغم هذه الميزة الجغرافية لسلطنة عمان، مع موقع المملكة التي تطل على البحر الأحمر في غربها وعلى الخليج العربي في شرقها؛ لتتكون عبر الموقع الإستراتيجي للبلدين الشقيقين الرؤية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، التي حرّكت وأبرزت بعد الرؤية لدى قيادتي البلدين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وجلالة السلطان هيثم بن طارق – حفظهما الله – علاوة على المشاورات والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين خلال الشهور الأخيرة؛ لتوثيق تلك العلاقات.
والمُتتبع لهذه الزيارة يستجلي بوضوح، عبر لقاء لسلطان هيثم بن طارق بأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأيضًا سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الدلالة والأهمية الكبيرة، والقيمة السياسية..خاصة وأن زيارة جلالة السلطان إلى بلد مهم وإستراتيجي كالمملكة تُمثل منعطفًا مهمًا من خلال وجود رؤية عمان 2040، وأيضًا وجود رؤية المملكة 2030.
وقد لاحظ الوسط السياسي تتويج العلاقة التاريخية عبر هذه الزيارة الميمونة، التي تحمل في مضمونها العديد من الملفات فيما يخص علاقات البلدين اقتصاديًا وتجاريًا، وفي مقدمتها ملامسة مجال الاستثمار والتكامل اللوجيستي والصناعي، وما يتعلق بالمنطقة بشكل عام، والتي يتعلق منها بحماية الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي بشكل خاص أو على مستوى العالم، بالإضافة إلى ما تهدف إليه النظرة المشتركة والحوار العميق؛ لتحقيق مصالح دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وما يدللُ لقارئ المشهد السياسي، على عراقة الأشقاء وانسجام الرؤى في بلدين هامين في البيت الخليجي..هو تلبية جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد الدعوة الكريمة من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لزيارة المملكة، التي تكنّ كل التقدير والاحترام لسلطنة عمان كدولة شقيقة وعضو في مجلس التعاون الخليجي، في ظل سعى البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما في مختلف المجالات، وتطوير أوجه التعاون المشترك، بما يتناسب مع رؤية قيادتي البلدين وتطلعات شعبيهما.
وينظر العمانيون إلى جارتهم المملكة كشقيقة كبرى..وعمق إستراتيجي، تعززه الوشائج الأخوية وأواصر القُربى والجوار بين الشعبين، ووحدة المصير المشترك بين البلدين؛ وخاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها المنطقة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، فالرؤى تتجه صوب تحقيق توجهات البلدين لتحقيق رؤية المملكة 2030، ورؤية عمان 2040، التي توجت بتأسيس مجلس التنسيق السعودي – العُماني.. لوضع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات بينهما.
همسة:
إن التكامل والانسجام في الرؤى واتخاذ القرار، لغة مشتركة تتحقق واقعًا ملموسًا في المجالات السياسية والاقتصادية بما يخدم أهداف البلدين، ويحقق آمال وتطلعات القيادتين والشعبين الشقيقين.. إلى الأمام.. ومزيدًا من الطموحات والآمال التي ترسي على سواحل مستقبل البدين الشقيقين.