تضافرت جهود مختلف الجهات والأجهزة والقطاعات – العسكرية والمدنية – المختصة وذات العلاقة بمنظومة وأعمال الحج، وتوحّدت صفوفهم وتكاملت أدوارهم، وعمل جميع أفرادها بكل تنسيق وتناغم وتعاون لإنجاح موسم حج هذا العام الاستثنائي 1442هـ، وخدمة ضيوف الرحمن وتيسير أدائهم لمناسكهم؛ حيث تمَّ حشد الطاقات وتسخير الإمكانات، وتطويع وسائل التقنية الحديثة لتقديم خدمات راقية ومتميزة وعالية المستوى لهم، لتتوالى الإشادة بهذه القرارات الحكيمة والخطط الشاملة التي اعتمدتها المملكة لتنظيم أعمال موسم الحج، وعبارات تثمين هذا النجاح القياسي والجهود الكبيرة، على مختلف الصُعد المحلية والإقليمية والدولية، وليتم وصف المملكة بأنها أضحت قدوة يُحتذى ويُقتدى بها، ومدرسة عالمية في فنون التعامل مع الحشود وإدارتها، وأنها تملك قدرة فائقة وطاقات وكوادر قادرة على القيام بالدراسات والأبحاث، والتخطيط والتنظيم، والإشراف والتنفيذ.
(الجهود الأمنية)، الكبيرة التي بُذلت في هذا الموسم، والتي تجسّدت في العديد من المسؤوليات والأعمال التنظيمية والأمنية، تقف في مقدمة هذه الأعمال التي سخّرتها قيادتنا الرشيدة – أيَّدها الله – لخدمة ضيوف الرحمن، والتي شهدتها ميادين العمل المختلفة من أجل خدمة حجاج البيت العتيق، ليتمكنوا من أداء فريضة الحج في أجواء مفعمة بالإيمان، ومحفوفة بالأمن والأمان والسلامة والراحة والاستقرار والسكينة والطمأنينة؛ وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى وتوفيقه أولًا، ثم بسبب ما ناله منسوبو وزارة الداخلية ورئاسة أمن الدولة، المشاركين في تنفيذ خطط أمن حج هذا العام ١٤٤٢، من دورات تأهيلية علمية وتدريبات ميدانية مكثفة، من أجل زيادة غرس قيم خدمة وفد الله، وتعظيم شعائر الله والبيت الحرام في نفوسهم، لتشهد أعمال الموسم ما بذلوه من جهود إنسانية كبيرة للمساعدة؛ بالإضافة إلى حرصهم الكبير على المحافظة على أمن الحج واستقراره وطمأنينة الحجاج، ويسهمون بدورهم، في تقديم صور مشرِّفة من صور ما تبذله القيادة الرشيدة – أعزها الله -، للإسلام والمسلمين وقاصدي الأراضي المقدسة، من حجاج ومعتمرين وزوار لمسجد المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وليكونوا: (عين يقظة ساهرة ترصد..ويد تبطش وتردع كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن هذه البلاد واستقرارها، ويد أخرى حانية تمتد بالعون والمساعدة).
في موسم حج هذا العام، (التقنية) كانت حاضرة وبقوّة؛ حيث تم تطويع التقنيات الحديثة والمتطورة، وذلك من خلال بعض التطبيقات الإلكترونية واستخدام الكاميرات الحرارية الدقيقة، وأخرى ليلية، مع العديد من التجهيزات والتقنيات الأمنية المتطورة وعالية المستوى، وغيرها، والتي منها المراقبة الإلكترونية لتطبيق جميع الخطط العامة والتفصيلية وخطة الطوارئ، مع عدم إغفال (الجانب الوقائي)، الذي يُعنى بتأمين كل متطلبات السلامة واشتراطاتها في جميع مواقع وجود الحجاج بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وكذلك في مراكز استقبالهم ونقاط تجمعاهم؛ إضافة إلى بعض المواقع الإنشائية، وتأمين وسائل السلامة فيها جميعها، وذلك بتشكيل دوريات للأمن والسلامة مزودة بالكوادر البشرية المؤهلة والآليات الحديثة، مع وجود قوة للتدخل السريع في حالات الطوارئ؛ وذلك من خلال منظومة عمل متكاملة تضم المديرية العامة للدفاع المدني وجميع الجهات الحكومية والجهات ذات العلاقة بالحج لتنفيذ المهام المطلوبة منها في هذا المجال من خلال مركز تنسيق الطوارئ الذي كان يضم كل الجهات العاملة بالحج، مع قيام (المديرية العامة للجوازات)، بتخصيص قوة بشرية لتقديم الدعم والمساندة للجهات الأمنية بمراكز الأزمات والطوارئ، وتزويدهم بمعلومات الحجاج من واقع سجلاتهم بالحاسب الآلي، وتخصيص قوّة بشرية للعمل بمراكز عمليات طوارئ الدفاع المدني، لتقديم أعمال الدعم والمساندة وتمرير المعلومات اللازمة في حال حدوث أي طارئ – لا قدر الله -.
لقد وقف الكثير من حجاج هذا العام، ومن شاء الله سبحانه وتعالى له الوجود في المشاعر المقدسة، على مشاهد تحليق طائرات الأمن فوق هذه البقاع الطاهرة في أيام التروية وعرفة والتشريق الثلاثة، ليقوم من هم على متنها بمراقبة الوضع الأمني والحركة المرورية، وتقديم الدعم الأمني واللوجستي لمختلف القطاعات الأمنية ورصد الحجاج غير النظاميين، مع تقديم بعض الخدمات الإنسانية والطبية؛ حيث يقومون بالتدخل لتوفير خدمات الإخلاء والإنقاذ الطبي، والمشاركة في عمليات إطفاء الحرائق – عند نشوبها لا قدر الله -.
إن ما تم تحقيقه من نجاح في تنفيذ خطط أمن حج هذا العام ١٤٤٢هـ، يأتي بفضل الله سبحانه وتعالى، ثم بتوجيهات مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسيدي سمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – وتوجيهاتهما المستمرة بتوفير جميع الإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن، وكذلك تأكيدات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، على أن الجهود التي تبذلها القطاعات الأمنية والجهات الحكومية والخاصة بموسم حج هذا العام، تسهم في تحقيق مستويات الأمن والسلامة المستهدفة لحماية حجاج بيت الله الحرام، في هذا الموسم الاستثنائي الذي يشهد فيه العالم استمرار تفشي جائحة فيروس “كورونا”. وليتحقق هذا النجاح القياسي والمشهود لهذا الموسم الاستثنائي، وليعتز كل مواطن ويفتخر كثيرًا بالجهود المشرفة وغير المستغربة، التي أداها ويؤديها جميع رجال الأمن وزملاؤهم من رئاسة أمن الدولة، وجميع الجهات والقطاعات العسكرية التي شاركت في أعمال حج هذا العام، مثمنين عاليًا الجهود الكبيرة التي بذلوها لتوفير وتقديم جميع الخدمات لضيوف الرحمن.
في الختام.. أسأل الله -عزّ وجلّ- أن يتقبل من الحجاج سعيهم، وأن يجزي كل من بذل جهدًا لخدمتهم خير الجزاء،،،
——————————-
*استاذ مساعد الهندسة البيئية والمياه
كلية الهندسة والعمارة الاسلامية جامعة أم القرى