نقل الخبر مهنة ينبغي المصداقية في ذلك ، ولولا ذلك لما ارسل الله الرسل الى خلقه لتبليغ رسالته العادلة الحكيمة ، فكان الصدق أعظم صفة في اداء واجب البشارة والإنذار .
واهتم الإسلام اهتماما عظيما في رواية الأخبار حتى في كلام رسول الله صلى الله عليه جعل على أن يكون الراوي متصفا بتمام الضبط ، كل ذلك مما أدى إلى وصول الدين الينا طاهرا نقيا بعيدا عن الغموض والريب .
ومع مرور الأيام احتاج الناس إلى متابعة الاحداث فجاء الإعلام ليقوم بتلبية مطالبهم بما في ذلك الإعلام المرئي والمسموع والمقروء ، فصار العالم كقطعة صغيرة في يد الإنسان يقلبها كيفما يشاء للتقارب الموجود بين البشر من خلال الإعلام ،
وفي زماننا انتشرت ظاهرة الفضائيات بكثافة مدهشة ، تتسابق وتتنافس كل منها تزعم على أنها في منتهى التفنن في رواية الأخبار العالمية وصناعتها بدقة وحسن صياغة ، وليس الأمر كذلك ، بل منها ما حملت رسالة أخرى بعيدة عن الإعلام الهادف الذي يبني ولايهدم .
ومن الفضائيات التي بذلت جهودها منذ نشاتها إلى اليوم في بسط سيطرتها في إثارة الفتن بين الشعوب ولاسيما العربية قناة (الجزيرة ) التي هي في بداية أمرها استبشر المواطن العربي على أنها جاءت لتحقيق السلام ، فبدات بشعارات براقة تخفي المضمون الاخبث ، وانتهت بتحويلها إلى ( مليشيا ) إعلامية لاتقل في ارهابها الإعلامي عن الإرهاب الدموي ، فهي منبر الجماعات التي تتاجر بالإسلام من خلال برامجها التي هي عبارة عن دروس ومحاضرات في الترويج ضد الوسطية والاعتدال في ديننا الاسلامي الحنيف.
وكانت هي الناطقة الرسمية لما يسمى بالربيع العربي في ميادين التدمير بالتحريض ، فكانت النتيجة الخيبة والخسران للكل بسبب الاعلام الساقط الذي تمثله قناة ( الجزيرة).
ولو رجعنا إلى الوراء لوجدنا أن هناك عددا من الدول التي فاقت عن خطورة أمر القناة من تأجيج الفتنة فمنعت منعا باتا التعامل معها على أراضيها بأي شكلٍ من الأشكال ، كبث برامجها ، وكذلك دخول طاقمها لتغطية حدث من الأحداث ، أو نقل خبر من الاخبار ، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ، فهي من وقفت في بداية الأمر لمواجهتها بالحكمة والموعظة الحسنة ، فاهتمت بالإعلام المضاد لقناة ( الجزيرة ) واستحدثت الفضائيات المتنوعة الهادفة التي في نقل الخبر بصدق وموضوعية وانصاف ، إضافة إلى دعم الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والارهاب ، كما في قناة ٢٤ سعودي وغيرها .
وما يجري في تونس اليوم بعد دعوة الرئيس قيس بن سعيد إلى إلغاء الدستور وحل البرلمان التونسي لما آلت إليه من تدهور الوضع الاقتصادي والامني وذلك من خلال سيطرة المنتمين الى حركة النهضة التونسية المجالس التشريعية دون تقديم الدعم المادي والمعنوي للشعب التونسي .
من هنا جهزت الجزيرة طاقمها الاعلامي بتغطية مباشرة لتحريض الشعب التونسي للخروج ضد رئيسهم الشرعي الذي أراد الخير لشعبه ،
فلما كانت قناة ( الجزيرة ) هي المرجعية للدعايات الباطلة والشعارات الزائفة ، وهي منبر مايسمى باتحاد علماء المسلمين روجت فتاوى الاتحاد التي يفتي فيها بحرمة الاعتداء على العقد الاجتماعي الذي تم بإرادة الشعب التونسي .
قضية تونس هي داخلية لاعلاقة لها مع جماعات خارج المحيط التونسي ، فكأن ( الجزيرة ) أرادت تقديم رسالة واضحة أمام العالم على أن مهمتها خدمة التطرف والارهاب ، وزعزعة الاستقرار في العالم ، وليست في خدمة الاعلام لكونها هي الزاوية لعلماء التطرف والإرهاب الذين لا يريدون السلام والامن والاستقرار في العالم .
—————————-
إمام وخطيب المركز الثقافي الاسلامي بمدينة درانسي شمال باريس في فرنسا