المقالات

عين على دورية المرور، وعين على سيارات العوايل

شوية صراحة

وقفتُ عند إشارة المرور في شارع حيوي بمدينة الدمام فهو ذو تقاطع يحتوي على أربع إشارات مرورية، اثنتان منها تقف بها سيارتان لرجال المرور، والإشارتان الثالثة والرابعة، يقف عليها طفلان متسولان يحفظان عبارة موحدة: “إحنا سعوديين من منطقة…..
وأبونا مات وأمي في البيت عشان أخوي المعاق”.

عملت U~turn ووقفت بسيارتي في إحدى الزوايا، أتابع تحركاتهم ودقة ملاحظاتهم، وتأهبهم للصعود على الرصيف عند اقتراب الضوء الأخضر، وتأهبهم للنزول بين السيارات عند اقتراب اللون الأحمر، بل ومحاولتهم الابتعاد عن الإشارة عند اقتراب السيارات الأمنية من إشاراتهم أو عند محاولة تصويرهم!

المضحك في الأمر أنه وعند تحرك سيارة المرور من موقع الإشارة الأولى ومغادرتها ظهر طفل ثالث – لا أعلم من أين أتى – المهم أنه أتى، وأخذ يمشط السيارات الواقفة عند الإشارة، ويستعطف قائديها لاسيما سيارات النساء والعوائل حرصًا منه على الاستفادة من عاطفة المرأة -حسب التوصيات- التي يتلقونها، انطلقت نحو الإشارة التي يوجد فيها الطفل الثالث وسألته:
كيف جيت؟
جيت مشي.
وين بيتكم؟
هناك
وين هناك؟
مدري.
وين أبوك؟
أبوي مات وأمي في البيت …….. إلى آخر الكليشة المذكورة أعلاه.

الكثير منكم ربما يرى هذه المناظر المؤسفة عند الإشارات المرورية، وقد يتعاطف معهم لسببٍ واحد، وهو أنهم أطفال، ولكن لا يدرك أن غالب -إن لم يكن جميع – هؤلاء يعملون بشكل منظم عبر سيارات توصلهم من وإلى الإشارات بشكلٍ يومي، ولعل بعض المقاطع المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تكشف فعلًا حقيقة استغلال هؤلاء الأطفال عبر الاعترافات البريئة لبعضهم.

أقول للمجتمع: لو لم يكن من خطورة الأمر إلا تعرض هؤلاء الأطفال للدهس لكفى، ناهيكم عن كون الأمر تعديًا وانتهاكًا لحقوق الطفل، وإذا وسّعنا نظرة الحذر سوف ندرك أن هؤلاء الأطفال يحصلون على أموالٍ طائلة، ولا نعلم كيف وأين ولمن تصرف!

وأقول *بصوت خفيف* :
ياوزارة الموارد البشرية .. هل لقيتم مفاتيح أبواب مكافحة التسول؟!

———————-

أكاديمي بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button