البلي والقصة المؤلمة

بعد أن انتهيت من الحلقة السابعة في زاويتي مواقف ومذكرات أمنية التي أستضيف من خلالها بعض القيادات العسكرية عبر “صحيفة مكة الإلكترونية”؛ حتى شرعت في الترتيب لاستضافة شخصية أخرى ليكون ضيف حلقتي القادمة، وجاء الاختيار على سعادة اللواء محمد بن راشد البلى مدير شرطة منطقة الباحة سابقًا، الذي عرف عنه الحزم في قيادته، التميز في إدارته، العدل بين مرؤوسيه، جنائي من الطراز الأول، كان محبًا للخير، وقريبًا من الجميع، وفاتحًا قلبه قبل مكتب، كريم الأخلاق والسجايا يتعامل بتواضع مع الكبير والصغير.

وعند الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من مساء الخميس التاسع عشر من شهر ذي الحجة أجريت اتصالي بتلك الشخصية الفذة، ورن هاتفه حتى انتهى الرنين ثم عاودت الاتصال للمرة الثانية، وإذا بصوت شاب يرد على اتصالي، وعرفته بنفسي ومكاني، وهلا ورحَّب، وأخبرني أنه ابن اللواء محمد، ويتواجد مع والده في المستشفى وأخبره بأن له اتصالًا من الباحة فما كان منه إلا أن طلب الجوال، وكلمني مَهْلِيًا ومرحبًا، وقدمت له اعتذاري لعدم معرفتي بوجوده في المستشفى، وحاولت تأجيل المكالمة لوقت آخر حتى يغادر المستشفى إلا أنه أصر على إتمام المكالمة، وبعد الاطمئنان على حالته الصحية، ووجهت له الدعوة؛ ليكون ضيفي في حلقتي القادمة فما كان منه إلا قبول دعوتي بكرمه وتواضعه الجم بكل ترحابٍ، وسيكون اللقاء بعد مغادرته المستشفى.
وفي ظهر يوم السبت بعثت له رسائل نصية طالبًا منه رقم جوال يحمل واتساب؛ ليسهل عملية التواصل.

وبينما أنا أنتظر الرد، وردتني تلك الرسالة المؤلمة التي لم تكن في الحسبان تحمل بين أحرفها وكلماتها الحزن والأسى والخبر المفجع الذي يفيد بوفاة تلك الشخصية العسكرية القيادية الذي كنت أحسب الدقائق التي تجمعني به؛ لإجراء حوارنا الذي يسطر من خلاله أروع المواقف خلال مسيرته العملية، إلا أن القدر كان أسرع.

رحل “أبو وليد” بجسده، وترك خلفه الأثر الطيب الجميل، وتلك الدعوات الصادقة من محبيه.
هنا انتهى الانتظار، وبدأت القصة المؤلمة رحم الله اللواء “محمد راشد البلي”، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وربط على قلوب ذويه ومحبيه.