تمارسُ إيران أنشطتها الخبيثة ما بين تجسس ودعم الميليشيات الإرهابية واستهداف السفن التجارية وناقلات النفط، وتواصل كل ذلك وسط صمت دولي يعتمدُ فقط على التصريحات دون التعامل الحقيقي مع إيران، بل وتطمح هذه الدول في مواصلة الاتفاق النووي مع إيران بصيغته القديمة، في ظل رفض وتعنت واضح من طهران لإدخال تعديلات على الاتفاق تضمن وقف إيران لأنشطتها الخبيثة في المنطقة، وكذلك وقف برنامج الصواريخ الباليستية الذي يهددُ جيران إيران في المنطقة.
التجسسُ الإيراني يقوم به نظام الملالي من خلال استخدام سفن تجارية وسفن شحن تابعة للحرس الثوري الإيراني تقوم بمهمات سرية تعتمد على التجسس ومساعدة ميليشياتها الإرهابية، والسفينة سافيز التي قامت بأعمال تجسسية خلال الخمس سنوات الماضية دليل على اهتمام نظام الملالي بهذا النشاط للتجسس على جيرانه في المنطقة، ومساعدة المليشيات التابعة. كما فعلت سافيز مع الحوثيين، وانتهت مهمتها منذ أيام قليلة بعد تعرضها لاعتداء نفذته إسرائيل في شهر إبريل الماضي، واعترفت إيران بهذا الاعتداء. لكن نظام الملالي رغم افتضاح أمره يصرُّ على مواصلة هذا النشاط الإجرامي الخبيث، وقام بإرسال سفينة بهشاد، وهي سفينة شحن أيضًا من أجل استكمال مهمة سافيز التي هي في طريق عودتها إلى إيران.
إسرائيل ترصدُ كل تحركات إيران البحرية، وهناك حرب بحرية بين إيران وإسرائيل، وهذا بلا شك يؤثر على أمن واستقرار المنطقة، ويهددُ الملاحة البحرية سواء في مياه الخليج أو في باب المندب أو في البحر الأحمر وقناة السويس.
إيران تصرُّ على القيام بعمليات صبيانية من استهداف للسفن ومحاولات اختطاف للسفن، وهذه التصرفات تؤكد أن إيران ليست دولة مؤسسات تحترم القوانين الدولية، وأن نظامها عصابة تختطفُ الشعب الإيراني وتسرقُ مقدراته وثرواته، وتجعله عُرضة للعقوبات والحصار الدولي عليه؛ ولذلك يحاول نظام الملالي من خلال التجسس واستهداف السفن التغطية على فشله ومشاكله الداخلية التي أدت إلى انفجار في الشارع الإيراني في أغلب مدن إيران، ورغم انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسًا جديدًا لإيران إلا أن الشعب الإيراني يرى أنه لا أمل في التغيير إلى الأفضل مادام الرئيس مدعومًا من الملالي، ومادامت عصابة الحرس الثوري الإيراني تسيطرُ على اقتصاد إيران وتهدد أمن جيرانها، وتُسيء إلى الشعب الإيراني. رغم أن الشعب في إيران مغلوب على أمره، ولايريد هذه العصابة، ويطالب المجتمع الدولي بتخليص إيران من هذه العصابة الإرهابية التي تقتلُ الشعب الإيراني بالرصاص وداخل السجون دون مراعاة للإنسانية، ولا تعرف غير لغة الإعدامات والقتل.
أفعال إيران في مياه الخليج والبحر الأحمر تجاوزت كل الخطوط الحمراء؛ لأنها لم تجد موقفًا حاسمًا من الدول والقوى الغربية الكبرى التي تهادن إيران ونظامها الإرهابي. رغم خطورة أفعال إيران على الاقتصاد العالمي. لكن للأسف الدول الكبرى لا تصدر منها إلا البيانات والتصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ورغم ما تمتلكه هذه الدول من قوة عسكرية هائلة. إلا أن التلويح باستخدامها غير مطروح حتى لو فشلت كل الأدوات الدبلوماسية وأدوات الضغط الاقتصادي على نظام الملالي.
الولايات المتحدة موقفها تراجع كثيرًا مع وصول بايدن إلى البيت الأبيض بعد أن كان قويًا وحاسمًا في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي مارس أقسى العقوبات على إيران، ونجح في الحد من دعمها لمليشياتها الإرهابية، وتقف الولايات المتحدة اليوم عاجزةً في التعامل مع إيران رغم البلطجة الإيرانية في البحر من اعتداء على سفينة ميرسر ستريت وقتل اثنين من طاقمها، وأيضًا محاولة الحرس الثوري الإيراني خطف سفينة أسفلت برنيسيس، واكتفت الولايات المتحدة بإعلان اتهام إيران باستهداف السفن وناقلات النفط دون إعلانها خطة واضحة في كيفية التعامل في المرحلة القادمة مع تأمين الملاحة في مياه الخليج والبحر الأحمر، ومواجهة أية محاولات للخروج عن القانون الدولي في استهداف للسفن، وتهديد الملاحة.
التخاذلُ الأمريكي والتواطؤ الغربي في التعامل مع الخطر الإيراني سوف يزيد من رغبة ابراهيم رئيسي الرئيس الجديد لإيران من مواصلة البلطجة الإيرانية، وسوف يحفزُ مليشيات إيران في القيام بأعمال إرهابية وإجرامية تُهدد أمن واستقرار المنطقة، وتهدد مصالح الولايات المتحدة والدول الغربية الذين تناسوا هذا الأمر. لكن إلى متى؟
هذا ما سوف تكشف عنه الأيام الماضية.
—————————-
متخصص في العلاقات الدولية والقضايا السياسية