عبدالرحمن العامري

المعاهد المهنية والمستقبل الوظيفي؟!

مما لا شك فيه أن المجتمعات في كافة الدول تحتاج إلى الأعمال المهنية والتطبيقية، كحاجتها إلى بقية الوظائف الأخرى، فهي تُشكّل خطًا متوازيًا مع التخصّصات الأكاديمية التي تُقدم خدماتها للمجتمع ككل، ومن هذا المنطلق؛ فإن التدريب المهني يعدُّ من أهم الموضوعات التي برزت في السنوات الأخيرة؛ حيث اكتسب القطاع المهني أهميةً كبيرة في تسيير عجلة الإنتاج الوطنيّ، والحدّ من البطالة بين صفوف الشباب من الذكور، والإناث ممن لم يحالفهم الحظّ في إتمام دراستهم لأيّ سبب، أو لم يجدوا فرصَ عملٍ متاحةٍ في مجال تخصّصاتهم الدراسيّة من خلال التركيز على تعلم المهن اليدوية، والتطبيقية.

لذلك فإن المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني تقوم بإسهامات كبيرة في دفع عجلة التنمية والاقتصاد الوطني، وتدريب الشباب، وتأهيلهم للعمل في القطاعين الحكومي والخاص، وتطوير قدرات الشباب المدفونة وصقل مواهبهم، وتهيئة العنصر البشري للدخول إلى المجال العملي، واكتساب المهارات اللازمة والتقدم بالمجتمع وتطويره؛ وذلك من خلال إنشاء العديد من الكليات والمعاهد التقنية المهنية والصناعية في جميع أرجاء الوطن، والتي يديرها نخبة من الشباب والشابات السعوديين المؤهلين والمتطلعين دومًا لمراكز الريادة التي ستؤدي -بإذن الله- إلى تضييق الفجوة بين سوق العمل والبطالة، والتي من خلالها سوف يكتسب شباب الوطن المهارات المهنية والتقنية والتجارية، من أجل تعزيز ثقافة ريادة الأعمال لديهم، وتعزيز فرص عملهم، ومشاركتهم المثمرة في الانتعاش الاقتصادي المحلي، وكل ذلك يتمُّ بدعم سخي من حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده -حفظهما الله-.

وفي ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى المحلي والعالمي، فإنه لم يعد هناك من خيار أمام الشباب وأسرهم والمجتمع السعودي، إلا إدراك ما تتطلبه المرحلة الجديدة من إمكانات ومهارات ومتطلبات العمل المنتج، والاستفادة من الشباب الطموحين الراغبين في التدريب العملي بشكل إيجابي، خاصة مع الحاجة المتزايدة إلى فرص التدريب والتأهيل في القطاع الخاص والحكومي؛ وذلك من خلال تعزيز المفاهيم العصرية لمتطلبات المستقبل، لوضعهم في صورة قريبة من المعطيات الحديثة لسوق العمل.

ومن خلال رؤية المملكة ٢٠٣٠ ورهانها المستمر على الشباب السعودي الواعد باعتبارهم من أهم وأكبر الفئات الأساسية فيها؛ فإنه أصبح من الضروري الاهتمام بالتعليم المهني على مستوى المعاهد المهنية والكليات التقنية؛ وفتح مسارات أخرى للتعليم العالي في شتى المجالات؛ لتمكين الأجيال القادمة من مواجهة تحديات المستقبل، وتشجيعهم على اكتساب الخبرات القيّمة أثناء دراستهم، وتعزيز روح المسؤولية والمواطنة الصالحة لديهم، وذلك لتقليل حجم الفجوة بين المرحلة التعليمية الدراسية وبدء الحياة الوظيفية في سوق العمل، وكذلك فتح آفاقٍ مستقبلية لهم في جوانب الحياة المختلفة.

وختام القول.. فإنه إذا ما أردنا النجاح لهذا النوع الحيوي والمهم من التعليم، فلا بد من ربطه باحتياجات سوق العمل الفعلي، وعقد الاتفاقيات والشراكات المجتمعية مع القطاع الخاص، والتي تهدف إلى التوظيف بعد التدريب، وإيجاد الفرص الوظيفية المناسبة لاستيعاب الشباب السعودي وفق برامج تدريبية والبحث عن خطط مستقبلية بين المعاهد المهنية والتقنية وكافة الوزارات المعنية؛ وخاصة من وزارتي المالية والموارد البشرية حتى لا تُبدد الأموال والميزانيات الطائلة دون مردود يُذكر على خريجي هذه المعاهد؛ وذلك بتشكيل رؤية حقيقية للتدريب المهني المنتهي بالتوظيف.

وخزة قلم:
غياب دور البنوك التجارية الربحية عن تمويل المشاريع المهنية يجعلنا نتساءل عن دورهم في رؤية ٢٠٣٠؟!

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button