قال صاحبي: هل ساهمت وسائل الاتصال بشكلٍ عام، ووسائل الإعلام بشكلٍ خاص بنشر خطاب الكراهية بين الشعوب، كيف، ولماذا، ما خطورة نشر هذه المضامين، على الفرد، والمجتمع، والدولة، وهل هناك قوانين دولية تُجرم هذا العمل، وما الحلول المناسب لمواجهته؟
رغم الاتفاق على محاربة خطاب الكراهية، إلا أنه لا يوجد اتفاق عالمي موحد على تعريفه، فهناك من يعرّفه على أنّه “أي نوع من التواصل، بالقول، بالكتابة أو بالفعل، يستخدم لغة تمييزية تحقيريه تهجمية عند الإشارة إلى شخص أو مجتمع، على أساس دينه أو عرقه أو جنسيته أو لونه أو أي عامل آخر يحدّد هويّته،” في سياقات معينة، يمكن أن يكون مهينًا ومثيرًا للعداوة.
محاربة خطاب الكراهيّة لا تعني الحدّ من حريّة الرأي والتعبير أو منعها، سواء بالنسبة للجمهور أو لوسائل الإعلام، ولكنها تعني منع هذا الخطاب من التحوّل إلى وسيلة للتحريض على التمييز والعدائية والعنف الذي تحرمه القوانين السماوية، والأرضية، وتأنف منه وتحاربه الفطر السوية، وتمارسه بشغف النفوس الشريرة الحاقدة، بشتى الوسائل، والأساليب، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، وأخطر منها ممارسته من خلال وسائل الإعلام المدعومة من الدول.
أدرك نظام الملالي أهمية الإعلام؛ فسعى لبناء ترسانته الإعلامية، وتنويع شبكاتها، في إطار مشروعه التدميري ولمواجهة صراعاته المختلفة، سواءً في محيطه الإقليمي، أو في العالم، ولطالما كانت دول الخليج العربي هدفًا استراتيجيًا للممارسات الإعلامية الإيرانية، حتى غدت أحد الموضوعات الرئيسة في أجندة الإعلام الإيراني، وخصوصًا المملكة العربية السعودية، التي تكاد تكون قضاياها السياسية والاجتماعية والاقتصادية بندًا ثابتًا في الإعلام الإيراني.
فإيران تنظر لوسائل الإعلام كما قال خامنئي بأنها تُماثل القنبلة الذرية في تدميرها، ولذا حظيت المؤسسة الإعلامية الرسمية في الدستور الإيراني بمادة مستقلة (175)، ربطتها بشكل مباشر بالمرشد الأعلى، هذه الهيمنة على الإعلام الرسمي لها مدلولات عدة، وفي مقدمتها أن نظام الملالي يرى في الإعلام واحدًا من أخطر المؤسسات في الساحتين الداخلية والخارجية، بل إنه أداة لا تقل أهمية عن المؤسسات الاقتصادية والأمنية والعسكرية، بالنسبة إلى نظام يقوم على شرعية الثورة في حكم الداخل، وعلى تصديرها للخارج.
أصبحت وسائل الإعلام قوة إيران الناعمة؛ فخلال أربعة عقود مضت، أسهمت القنوات الطائفية الإيرانية في تنفيذ سياسات إعلامية ممنهجة استهدفت المنطقة العربية في بثت بذور الفتنة الطائفية، وروّجت لمشروعها التوسعي، والمتاجرة بقضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وغيرها من القضايا العربية والإسلامية التي استخدمتهما كرافعة للنفاذ للعقل العربي/الإسلامي، من أجل تأسيس قاعدة شعبية موالية، يسهل برمجتها، واستدراجها نحو التشيع السياسي الإيراني، واستخدامها كخلايا نائمة، وقنابل موقوتة في بلدانها، من خلال استراتيجية إعلامية صنعت بمهنية عالية.
عملت وسائل الإعلام الإيرانية على نشر مضامين طائفية تحمل أفكار الملالي من خلال مسلسلات تاريخية إيرانية مدبلجة للعربية، تزور الحقائق، وترسخ المغالطات والافتراءات حول أمهات المؤمنين والصحابة والمسلمات العقدية والتاريخية، كما أن المعيار الطائفي هو أساس السياسة التحريرية لهذه الوسائل، فعلى سبيل المثال بعد الاعتداء على مدرسة في فلسطين -التي يزعم الملالي الدفاع عنها- رفضت قناة (برس تي في) عرض خبر جريمة إسرائيل بقصف المدرسة ووقوع ضحايا من الأطفال الأبرياء، وكان سبب الرفض أن المدرسة تحمل اسم الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه.-
لم يكتفِ النظام الإيراني بتسخير آلته الإعلامية لبث خطاب الكراهية بل سخر السوشيال ميديا بطريقة منمقة ساخرة؛ لبث خطاب آخر ينضح بالكراهية للفئة العمرية المستهدفة من الشباب العربي، من خلال صناعة النكات المختلفة التي تصف العرب بأقذر الصفات، بدعم مباشر من مكتب المرشد، مجسدة العنصرية الرخيصة ضد العرب، تحت رعاية رسمية، بشكل يومي، في وسائل الاتصال الإيرانية الرسمية، والممولة إيرانيًا بما يعرف بإعلام الظل.
فصورة العرب في السينما والصحافة والمسرح والنشيد الحماسي والأمثال والحكم الشعبية في إيران، كلها تنمُّ عن استهزاء بالعرب واحتقارهم، ففي أغنية بعنوان “اقتل عربيًا” باللغة الفارسية شاهدها الملايين تحط من قدر وقيمة العرب، كما طال احتقار الإيرانيين للغة العربية، عندما مقارنة عدد حروفها 28 حرفًا باللغة الفارسية 32 حرفًا.
قلت لصاحبي:
إن وسائل الإعلام هي اليد اليمنى للفوضى.