قال صاحبي: هلّت علينا نسائم الخير، وعبير الذكريات، وأريج الحاضر، وازدهار المستقبل، فالثالث والعشرون من سبتمبر من كل عام له ذكراه الخاصة في ذاكرة السعوديين، ما بين أجيال الكفاح والبناء، وأجيال تفيأت الضلال، وجني الثمرات، فكيف نستثمر هذا اليوم، وماذا يجب علينا تجاه الوطن في يومه، وهل تستحق الأوطان أن يذكرها الأبناء يومًا في العام؟
هي لنا دار: جبلت النفوس الكريمة على حب الوطن، والحنين إليه، وتمجيده، والتغني بإنجازاته، والتذكير بحقوقه على أبنائه، فاتخذت الدول يومًا في كل عام، جعلته نقطة انطلاق في تاريخها، ومنعطف مهم في تحول مسارها، فالبعض ربطه بالتحرر والاستقلال، وهو الغالب، والبعض الآخر ربطه بمناسبة وطنية خاصة كان لها أثرها الخاص على مسيرته، فخلد ذكراها بيوم وطني تقف فيها الأجيال الحاضرة، وقفة إجلال وإكرام لبناة تاريخها، وصانعي أمجادها.
هي لنا دار: في المملكة العربية السعودية نحمد الله على أفضاله الكثيرة علينا، ومنها أن هذه البلاد الطاهرة التي لم يدنسها غبار محتل، بل طيبها غبار جهاد وكفاح تجاوز الثلاثة عقود، قادها الملك المؤسس ورجاله – رحمهم الله- في ملحمة التوحيد، ولم يكتفِ المؤسس بهذا الإنجاز بل توجه فورًا إلى ملحمة جديدة تمثَّلت في التوطين والتعليم، وتأسيس البناء الإداري، واختيار الرجال ذوي الكفاءات وتكليفهم بمهام التنفيذ، حتى أضحت المملكة العربية السعودية اليوم في مصاف الدول الكبرى، وأحد العشرين الكبار، رسام السياسة الاقتصادية العالمية.
هي لنا دار: في يومنا الوطني المحفور في ذاكرة الوطن، والمنقوش وسمًا خالدًا في ذاكرة الأجيال تتوارثه جيلًا بعد آخر، لا تنمحي ذكراه بزوال مناسبته، بل هي حاضرة في الوجدان، والهمم العالية التي تُعانق القمم مع كل صباح باذلة جهدها وخبرتها، وروحها في سبيل رفعة هذا المجد ورقيه، وتميزه، والدفاع عنه، فالطالب في مدرسته، والمعلم بحرصه على تقديم العلم والمعرفة والتربية الوطنية لطلابه، والعامل في مصنعه ومزرعته، ومكتبه، والطبيب في مستشفاه، والباحث في مختبره، ورجل الأمن، والمرأة، في ميادينهم، وغيرهم من أبناء الوطن في ماراثون وطني ليس له خط نهاية، من أجل دارنا السعودية.
هي لنا دار، وهي كذلك لمن قصدنا بالعمل والزيارة، والاستثمار، والمساهمة معنا في بناء مجد جديد، وتحقيق طموح قمم طويق، وعرَّاب رؤيتها، وقائد مرحلة التحول في تاريخها الحديث، يحق لنا أن نحتفل بفخر بيومنا الوطني الجديد، الذي يشعُّ نوره على أمتينا العربية والإسلامية، فنحن لهم دار، وعاصمة للسلام، في كل محفل وفي كل ميدان تدعم وتناصر القضايا العربية والإسلامية، وقبلة للمسلمين، ومنبعًا للإحسان، ونصرة ومساعدة الإنسان في كل مكان.
هي لنا دار، رسمت بلادنا رؤيتها الواعدة على مرتكزات ثلاث، محورها المواطن، وهدفها رعايته، وتعليمه، وتأهيله، فكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- المواطن هو استثمارنا، ومنطلق رؤيتنا لبناء وطن طموح، واقتصاد مزدهر، يتحققان بمجتمع حيوي، ينظر بتفاؤل لحاضره المشرق ولمستقبل أبنائه الواعد، وبإصرار على مواجهة الصعوبات، والتغلب عليها، لإعادة ترتيب أولوياتنا، السياسية، والاقتصادية والإدارية والاجتماعية بما يحقق تطلعات وآمال دارانا السعودية.
هي لنا دار:
في الإخلاص بالقول والعمل.
هي لنا دار:
بالحفاظ على الأمن والاستقرار، وعدم السماح لأي عابثٍ أو حاقدٍ أو حاسد أو دخيلٍ بالإخلال بأمن الوطن أو المزايدة عليه، فالجميع عيون ساهرة لحماية الوطن وحفظ أمنه واستقراره.
هي لنا دار:
بالانتماء، وإدراك أهمية دورنا الإيجابي والفاعل في استمرار مسيرة الخير والعطاء والبناء.
هي لنا دار:
– كيف كنا؟
– وأين نحن؟
– وإلى أين نتجه؟
قلت لصاحبي:
اليوم الوطني ليس للراحة والاستجمام، لكن للعمل والاستمرار.
0