لا شك أن ذكرى اليوم الوطني تعدُّ مناسبة غالية على كل مواطن نشأ وترعرع على تراب هذا الوطن المعطاء الذي بات له إرث حضاري وتاريخي عريق منذ فجر الساعات الأولى؛ لتوحيده على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- حيث سطعت شمس الحياة على أرض الجزيرة العربية؛ فبات هذا اليوم منذ ذلك الوقت راسخًا في أذهان المواطنين وقلوبهم. وما مظاهر الاحتفاء به في جميع مدن المملكة ومحافظاتها سوى ترجمة لهذه المشاعر والأحاسيس الوطنية الصادقة.
فقد سجل التاريخ في هذا اليوم مولد أمة في إطار ملحمة من البطولات قادها الملك عبد العزيز -رحمه الله- على مدى اثنين وثلاثين عامًا؛ لتحقيق هذا الحلم الكبير فجمع الشتات، ووحد الأجزاء وكون دولة لها هيبتها ومكانتها بين دول العالم.
دولة أصبحت سنواتها حافلة بالعطاء والإنجاز مليئة بالسواعد الفتية والإرادات القوية التي سابقت، ونافست دول العالم الكبرى في رحلة زمنية قصيرة في عمر التاريخ طويلة بكل مقاييس التطور والازدهار والتقدم والبناء الذي نعيشه واقعًا مشرقًا في عصرنا الحالي.
فهو يوم له معانٍ سامية ودروس عظيمة في نفوس كل السعوديين؛ حيث نحتفل به حكومة وشعبًا في كل عام في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر تخليدًا لذكرى توحيد مملكتنا الحبيبة التي باتت عامًا بعد عام تبدو أكثر ازدهارًا وتطورًا ورفعة في كافة المجالات فهو ثمرة لمسيرة مباركة استهلها موحد هذا الكيان العظيم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قبل تسعة عقود وأكملها أبناؤه البررة واحدًا تلو الآخر حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- والذي يقود بلادنا برؤية حكيمة وخطوات سديدة على كافة الأصعدة، وفي كل المجالات يشد عضده في ذلك سمو ولي عهده محمد بن سلمان -رعاه الله- وفق رؤية المملكة ٢٠٣٠، والتي تسعى بلادنا من خلالها إلى اعتلاء مراكز متقدمة على مستوى دول العالم قاطبة.
ومن هذا المنطلق فإن بواعث الفخر والاعتزاز التي يجيش بها وجدان كل سعودي تعد من أجمل صور التلاحم بين القيادة والمواطنين؛ خاصة ونحن نحتفي هذا العام بيومنا الوطني والعالم ما زال يعاني من أزمة غير مسبوقة فرضتها عليه جائحة فيروس كورونا المستجد بعد عام استثنائي كانت فيه بلادنا ولله الحمد مصدرًا للتفاؤل والإيجابية، ومصدرًا للخير والعطاء فأثبتنا قدرتنا على مواجهة الصعاب والتحديات فحولناها إلى نجاحات عانقت السماء رغم كارثة الوباء.
نعم نحتفل ونحن نلمس، ونشاهد حرص قيادة هذا الوطن المبارك على المواطنين و المقيمين منذ تفشي هذه الجائحة؛ حيث قدمت الغالي والنفيس من خلال تبني أعلى معايير الصحة والسلامة لمواجهة هذه الجائحة وتقديم كل الخدمات الصحية مجانًا للمواطن والمقيم حتى أصبحت بلادنا بفضل الله ثم بفضل قيادتنا الرشيدة مضربًا للمثل وفاعل رئيسي في المشهد الدولي، وحلم لكل الطموحين الباحثين عن مستقبل أفضل وعيش كريم.
نحتفل بيومنا الوطني في أجواء مفعمة بالفرح والسرور لما تحقق لهذا الوطن العزيز من نهضة شاملة في جميع المجالات، وفي واقع يزخر بالإنجازات الوطنية العملاقة التي شملت أوجه التنمية المختلفة، وفي ظروف واعدة بمستقبل أكثر ازدهارًا للوطن ورخاءً للمواطن، وما نراه من استعدادات ضخمة للاحتفاء بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعًا إنما يجسد تعبيرًا صادقًا وعميقًا عن ما يكنه كل مواطن من ولاء ووفاء لقيادة حكيمة سارت بالبلاد إلى مراتب متقدمة من النهضة المباركة التي أفضت إلى واقع محفوف بهالات اليقين بأن المستقبل -بإذن الله- هو أكثر ازدهارًا وأمنًا، وأكثر تطورًا ورخاءً لهذا الجيل وللأجيال القادمة.
وعطفًا على بدء؛ فإنه يجب علينا شكر الله -عز وجل- على ما نحن فيه من نعم وآلاء كثيرة لا تعد ولا تحصى، ثم نستذكر في هذا اليوم تلك المبادئ السامية التي قامت عليها بلادنا الغالية منطلقة من شريعة الإسلام الخالدة التي تحث على ترسيخ قيم المروءة والعدل والتسامح، وما سطره المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله- من بطولات تاريخية لتأسيس هذه البلاد المباركة وتوحيد كلمتها، وما تبع ذلك من مرحلة للبناء و التطوير لننمي روح الوطنية في أبناء المستقبل؛ ليصبح اسم السعودية ورايتها خفاقة في كل أرجاء الأرض؛ ولتكون رسالة قوية للعالم مفادها أن هذا البلد وجد ليبقى رغم كيد الحاقدين.
وختام القول هنيئًا لنا في يومنا الوطني قيادة وشعبًا، وأدام الله علينا نعمة الأمن والأمان، وتحية تقدير، واعتزاز لكافة منسوبي قواتنا المسلحة وجنودنا الأبطال، ولجميع أجهزتنا الأمنية والصحية وكافة قطاعات الدولة على جهودهم الحثيثة في أداء واجباتهم بما يكفل الأمان والاستقرار للبلاد، ودامت لنا السعودية العظمى مع خالص التمنيات بدوام التقدم والازدهار في ظل قيادتنا الرشيدة.
وخزة قلم:
الوطنية ليست أعلامًا تُرفع، ولا شعارات تُطبع إنما الوطنية انتماء وولاء وتمسك بالعقيدة السمحاء.