الوطن كلمةٌ عظيمةٌ تحتوي في مضامينها كل المعاني الرفيعة والأوصاف السامية والنبيلة؛ فكيف إن كان هذا الوطن يحتضن الحرمين الشريفين وأقدس البقاع، وأرضه مهبط الوحي ومهد الرسالة المحمدية، ومنبع العروبة، فحتمًا ستكون حقوقه على مواطنيه وجميع قاطنيه أعظم. فالوطن شجرة عظيمة يستظل بظلها وينعم بخيراتها الجميع، ويتشرف بالدفاع عنها كل إنسان أصيل وذي خلق رفيع، وإذا كان ظل هذه الشجرة وخيراتها ونفعها يتجاوز حدودها، فمن المؤكد أن يتشرف بالانتماء لها وحبها كل صاحب فطرة سليمة.
هذا الوطن الشامخ أعطى بلا حدود، وأنفق بسخاء ومن غير منه، وقدَّم لأبنائه وللعالم أجمع ما يصعب حصره وتعداده؛ وذلك على مر تاريخه المجيد منذ وضع المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- اللبنة الأولى لقيام هذه الدولة الفتية ومرورًا بحكم أبنائه من بعده وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -أعزه الله- ومسيرة العطاء مستمرة، وفي هذه المناسبة الخالدة التي تمرُّ علينا في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام يجب علينا أن نفرح ونحتفل ونتذكر، ونذكر بحقوق هذا الوطن المعطاء. فلا يكفي مجرد الاحتفال أو إقامة بعض الفعاليات فللوطن حقوق كثيرة أولها شكر الله سبحانه وتعالى على نعمة الأمن والأمان، والعيش الكريم في ربوع هذا الوطن الآمن، والدعاء بأن يديم المولى -عز وجل- علينا ذلك فبالشكر تدوم النعم. كما أن علينا في هذه الظروف الدولية والإقليمية والمحلية أن نتقي الله في أمن وطننا، وأن نكون شركاء في تحمل مسوؤلية النمو والتطوير بكل صدق وإخلاص ووفاء وبدون تنظير أو مزايدات من أي شخص مهما كان موقعه أو صفته فالأوطان لا تبنى إلا بسواعد الشرفاء المخلصين.
حب الوطن في أبسط معانيه هو عملية تشاركية يحكمها عقد الوفاء والولاء للمملكة العربية السعودية الوطن والأرض والإنسان، ويجب أن يتحمل الجميع مسؤولياته بكل صدق وإخلاص وبدون منة من أحد أو رياء أو نفاق؛ فالجميع عليه واجب المحافظة على أمن الوطن، والدفاع عنه ضد كل معتد خارجي، وضد كل من يريد تشويه صورته بالداخل أو الخارج، وتمثيله خير تمثيل في جميع المواقع؛ سواء كان موقع الفرد في إدارة حكومية أو مؤسسة خاصة أو أي قناة تواصل، وفي كل مناسبة يستطيع من خلالها تقديم الصورة المشرفة للشعب السعودي العظيم، والمفترض أن الفرد منا يجب أن يسأل نفسه ماذا قدَّم لوطنه قبل السؤال عمَّا قدم له الوطن؛ لأن إجابة السؤال الثاني واضحة المعالم للجميع؛ ولأن في نهاية المطاف يجب أن تكتمل المعادلة، وتبقى العلاقة بين الفرد ووطنه متكافئة متوازنة تُتيح للحب بينهما أن ينمو، وللمستقبل أن يزدهر دون أي خلل.