كان خبرا كالصاعقة خبر وفاة الشيخ حسن بن لبزان الزهراني عصر الأثنين الثالث عشر من صفر 1443هـ اليوم الذي اعتاد صيامه وصيام يوم الخميس من كل أسبوع والذي صادف أيام البيض التي كان يصومها كتب الله أجره إلى يوم يبعثون هذا الاسم العلم الذي ملأ أرجاء القلوب قبل المكان والزمان في منطقة الباحة وعلى مستوى المملكة ليس لأنه رجل أعمال مع أنه لا يتباهى بذلك في مجالسه ومع أصدقائه فحسب ولكنه صاحب أخلاق يشهد له بها كل من عرفه أو سمع عنه أو وقف على بابه أيام كان في الرياض أو في منزله بجدة أو سكنه بمكة بجوار الحرم حيث كان يقيم فيه في شهر رمضان الكريم من كل عام إذ تمتد سفر إفطاره للصائمين من بعد العصر على نفقته داخل الحرم جعل ذلك في موازين حسناته يوم يفتح باب الريان للصائمين ومن فطرهم ابتغاء ما عند الله سبحانه في الوقت الذي يوزع المبالغ النقدية على المحتاجين من فقراء الحرم ويلتقي ضيوفه على البساطة والترحيب الذي تكفي من يزوره عن أي شيء وهو يطل من نافذته الصغيرة على الكعبة المشرفة وصفوف المصلين في ساحات الحرم الشريف .
كنا ليلة ماقبل وفاته أنا والزميل الصديق احمد المساعد رئيس النادي الأدبي بالباحة سابقاً في سيرة الفقيد بعد أن سأله ابنه فيصل عن الشيخ حسن إذ كان يتلمس أخبار مرضه ويثني عليه بما يعرف عنه وما يسمع ويدعو له بحسن الخاتمة والثواب في كل ما قدم للمجتمع بوجه عام والمحتاجين منه على وجه التحديد واليوم يهاتفني وهو يتحسر بفقد علم من أعلام المنطقة يتمثل في الفقيد حسن بن لبزان .
حسن بن لبزان رجل المواقف رجل الوطن الذي طبع ليومه الوطني عدة مطبوعات مصورة وهو رجل القبيلة والقرية وصديق الجميع الرجل الحليم الكريم وقد نستثني أكثر قريته التي فجعت وفجع أهاليها بموته وعلى رأسهم الشيخ غرم الله بن مرزن معرف القرية الذي ما أن هاتفته لأعزيه في الفقيد وكنت أظن أنه قد علم بوفاته فتوقف قليلا ثم إنه لم يتمالك نفسه بل تغير صوته وانهمرت منه الدموع مصحوبة بعبارات الثناء والدعاء حزناً عليه ولم يستطع تكملة المكالمة من هول الصدمة التي مرجعها محبته للرجل الذي قال عنه كلاما ينبع من وفائه له ووفاء الفقيد لقريته وجماعته أهالي قرية قرن ظبي يترجم ذلك ما ساهم به في مشروعات خيرية وتنموية عن طريق جمعية البر الخيرية ولجنة التنمية الاجتماعية ومشروع حفظ النعمة الذي يعتبر من أبرز المشروعات لحفظ الفائض من ولائم المناسبات العامة بل وأصبح نموذجا يحتذى في مواقع كثيرة داخل الباحة وربما حتى خارجها .
بالتأكيد لن نستطيع الوفاء بحق هذا العلم البارز وما عرف عنه من أعمال خيرية وتعاون مع أهالي قريته في كل ما حقق لها التميز بين قرى المنطقة ولكن عزاءنا في ذلك أن ذلك سيكون بإذن الله في موازين حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون نسأل الله أن يثقل موازينه بكل عمل قدمه في حياته عشرات السنين وبصماته قد لا تكون واضحة لأنه كان يقدم لآخرته قبل دنياه بعيدا عن الرياء والسمعة وكان عادة ما يردد في مجالسه عبارات تشجع على العطاء والسخاء وعبارات الصفح والعفو عند المقدرة وهو سلوك قد لا يعرفه إلا من ذاق حلاوة النتائج التي تأتي مصداقا للثوابت بنص القرآن الكريم والحديث الشريف وهو دائماً ما يردد : إن عشت يا راسي كسيتك عمامة وان مت يا راسي فدتك العمائم ..
لازلت أتذكر هذا الرجل باسمه وفعله عندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – يرحمه الله – لمنطقة الباحة وبالتحديد في الحفل الذي أقيم بالقرب من موقع شركة كهرباء الباحة إذ تكفل بالكثير من التجهيزات لذلك الحفل الكبير وكان اسمه يتردد على كل لسان بما قدم من جهود كانت سببا في نجاح ذلك الاستقبال والحفل ولمع اسمه في الأوساط الاجتماعية فضلا عن مكانته بين رجال الأعمال على مستوى المنطقة والمملكة إذ حظي باحترام الجميع وتقديرهم بحسن أخلاقه وتواضعه وبذله بدون منّة وسمته رحمه الله وهذا مكسبه من علاقاته بالناس جميعا .
أسرة محمد بن لبزان -يرحمه الله – من الأسر العريقة في قرن ظبي وعلى مستوى قبيلة بني حسن عاش فيها رجال كان لهم في المجتمع مكانة خاصة هم الشيوخ مسفر وحسن وعلي وعبد الرحمن يرحمهم الله جميعا كما نسأل الله أن يكون أبناؤهم خير خلف لخير سلف حسبنا في ذلك أنهم سيحيون ذكر والديهم بما يستحقون وهم اليوم نعدهم رموزاً في مجتمعنا وفي مواقع إقامتهم وأعمالهم داخل الباحة وخارجها ونعدهم أهلاً لهذا بالتأكيد فالشجرة طيبة وفروعها وثمارها طيبة ويانعة تؤتي أكلها بإذن ربها وفي مثل هذا الظرف لا يفوتنا أن نقدم لأبنائه وأبناء أخوان الفقيد أحر التعازي بفقد والدهم الشيخ حسن بن لبزان وتعازينا موصولة لجميع أسرهم ولأهالي قرن ظبي وزهران وغامد كافّة ولجميع أصدقائه ومحبيه على مستوى الوطن ، لا نقول إلا ما يرضي ربنا ” إنا لله وإنا إليه راجعون ” ….
انعطاف قلم
رحم الله الأخ الخلوق أحمد بن صالح القلوم شقيق أخي المهندس علي من الرضاع يرحمهم الله ، احمد الذي وافاه الأجل بدون مقدمات صلاة الفجر وصلي عليه عصر امس في الحرم ووارى جسده الطاهر مقابر شهداء الحرم وسط حشد من الأقارب والأصدقاء وأهالي بيضان والمحبين يتقدمهم الشيخ غرم بن خضران الصغيّر شيخ قبيلة بيضان زهران ،اللهم أعنّا على ما أعنت الأموات عليه .