المقالات

المدربون الفقاعات

أطلق المارد الذي بداخلك !

أنت طاقة خرافية .. فقط تحرر من سجن أفكارك، تبغى تصير مدربًا عالميًا؟!
تبغى تكون (كاوتش قد الدنيا؟؟ا )، الأمر سهل، ما عليك سوى الانضمام إلى دورتنا التدريبية التي بسعر رمزي قدره ٩٩.٩٥ ريال (يعني ١٠٠ إلا خمس هللات).

تُضحكني كثيرًا هذه العبارات الترويجية لدورات تدريبية أبطالها مدربون ينطبق عليهم قول الشاعر:
ولي عزمٌ يشق الماء شقًا .. ويكسر بيضتين على التوالي

والأكثر إضحاكًا لشخصي المتواضع هو أن يقوم ذلك المدرب النادر في الوجود ب(رز صورته) على البروشور بعد أن أخذ نفسًا عميقًا، وانتفخ صدره قليلًا، وأظهر ساعته التي في يده اليسار، ووقف بشكلٍ يلتفت يسارًا قليلًا.

ياجماعة الخير، خفوا علينا شوي، ليس كل من أخذ شهادة حضور أو تدريب (أبو يوم يومين) أصبح من حقه أن يدرب الناس، فالشهادة المعتمدة شيء والخبرة التراكمية الطويلة شيء، وكلاهما مطلوبان لكي يتجرأ المدرب أن يضع صورته على إعلان!

عندما يمتدحك زملاؤك حولك بأن أسلوبك جميلٌ في الطرح ثم تحضر دورة تدريبية أونلاين ، فهذا لا يعني أنك قد حصلت على الرخصة الدولية في التدريب.

مشكلتنا في العناوين البراقة المضحكة والتي يصدقها السذج من أطياف المجتمع، والأكثر إشكالًا أن يتصدر مشهدها ويقدمها من لا يعرف من هذه العناوين سوى الاسم + كلمتان من غوغل + ترجمة ثلاث إلى أربع مصطلحات إلى اللغة الإنجليزية (لضرورة الفلسفة).

ومشكلتنا الأخرى في شهادات الدورات التدريبية الصادرة من (شقة فوق مطعم بخاري).

التفكير الإبداعي له نظريات تحدث عنها وليم جوردن وتحدث عنها جان بياجيه، وترجمها كبار الأكاديميين في الوطن العربي .. أتحداكم أن يعرفها أولئك المترززين في بروشورات أبو ٩٩ ريال و٩٥ هللة.

إلى الفقاعات البشرية الذين (يناقزون) عبر وسائل التواصل الاجتماعي متحدثين عن دورات تطوير الذات، بسألكم بصراحة، هل تعلمون من هو مؤسس نظرية الذات ؟؟
(احتفظوا بالإجابة التي هي لا )

يا مدربين، يا مبدعين .. هات ورقة وقلم واكتبوا: نظرية الذات تبناها العالم الأمريكي “كارل روجرز”، وسماها العلاج المتمركز حول العميل!

وقس على ذلك الكثير من المتغيرات العلمية التي يكون منطلقها أساس علمي نتيجة أبحاث طويلة تتبلور في نظريات علمية تجرى على عينات بشرية كبيرة؛ حتى يتم التأكد من صحتها ثم تعميمها على المجتمع الذي درست فيه..

وهنا أترككم لكي تقارنوا بين خلاصة جهود الباحثين لسنوات طويلة، وبين مدربي( أبو ريالين) الذين ينافسون بعضهم في الظهور الإعلامي معتمدين على العم غوغل في جمع المعلومات الرنانة التي تجذب المتابعين

بصوت خفيف:
إن من يساهم في صناعة وانتشار مدربي الفقاعات هو بعض سفهاء المجتمع ممن يرون التدريب يكمن فقط في: أسلوب فريد .. وشماغ جديد.

———————

أكاديمي بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام

Related Articles

5 Comments

  1. جميل جداً دكتور محمد وأصبت فعلاً ما نعانيه وخاصة الآن بوقتنا الراهن عزز لهم وجود حاجة المجتمع إلى برامج تطور مهني وبروز التدريب عن بعد بشكل مفرط فيه دون تقنين او متابعة
    التدريب فن يحتاج الى مرتكزات اساسيه واهمها الخبرة والعلم وحب التدريب وليس من يتخذها وسيلة لخداع الناس واستغلال حاجاتهم

  2. ما شاء الله تبارك الله
    مثال في الصميم يحاكي صمت رهيب حول التدريب الفقاعي بالمجتمع
    الوضع بحاجة لضبط وسن قوانين تحمي الوسط التدريبي من يتلاعبون بالكلام والأسعار الغير منطقية وكذلك من يسوقون للدورات
    ١٠٠٠ شكر لك دكتور محمد
    وفقكم الله

  3. صدقت وبارك الله في قلمك وسبق لي الحديث عن هذه الالقاب في دورة كيفية الحصول على الرخصة في جامعتكم الموقرة قبل الجائحة وذكرت للمستفيدين نفس كلام بأنه ليس من حصل على دورة أو دورتين سمى نفسه كبير المدربين او استشاري تدريب وتطوير الذات
    على من يطرق هذا المجال ان يحضر العديد من الدورات ويصاحب ويتمتع بخبرات وتجارب حتى يقف على قدميه أمام الناس بصفته مدربا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button