المقالات

عيون العالم الافتراضي.. وكشف المستور

عيونك على العالم وعيون العالم عليك …

وماذا بعد العيون ؟
ماذا عن القلوب
العقول
المشاعر
التقدير
ماذا عن الواقع؟!

حواجز الحياء مؤلم وموجع، وأعتذر عن ما أقول: (بل ومقرف) ما وصلنا إليه هل فقدنا كل ماهو إنساني .. لنتحول جميعًا لمتاحف للعرض!
عرض كل شيء (أجسامنا – ملابسنا – خبايا خزائننا – منازلنا- أبناؤنا – وحتى خصوصياتنا العميقة) بل وأكثر!!

الجميع بلا استثناء يلهث خلف الأضواء (أضواء الخداع المغلفة بكل ما لذ للأعين، وتطيب له النفوس) ثم … ألم وضيقة نفس ونفاق ومشاكل لاحد لها .. كل ذلك خلف الكواليس ..

تعلمنا قديمًا أن البيوت أسرار، واليوم لا لسرٍ محفوظ بل لسترٍ مفضوح ومن أجل ماذا، من أجل البقاء تحت الأضواء، مخجل أن نصل إلى درجة الإسفاف، ونكسر كافة حواجز الحياء ونهوي بأنفسنا نحو مستنقعٍ ملاذه الأكاذيب مقابل البقاء، وعن أي بقاء أتحدث…عن عالم مزيف ومحيطه أكثر زيفًا ونفاقًا.

انهيار الجدران
آه
لم يعد للأبواب أو الجدران أو الخصوصية مكان، إلى متى سنظل غافلين عن قيمنا وجميل مبادئنا؟
ألم يوجهنا رسول الهدى وصاحب الخلق العظيم، صلى الله عليه وسلم بقوله: (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) فلم نسعى نحن للفضح!

أعلم يقينًا أن الحياة كبد.
وعن أي كبد، صعب ومزعج أن تتكبد زرع القيم وتقف على لم شمل أسرتك وأهل بيتك وأبنائك ومجتمعك الصغير بالعمل وأصدقائك ثم تهوي بكل هؤلاء بعض البرامج التي تفضح الستر، وتدمر الاخلاق؛ ليربحوا هم ونحن الخاسرون؛ فيضعون أقنعةً المثالية، ونهوي نحن للانحطاط.

هامشية العلاقات
عجبًا من زوج يراقب ظهور زوجته على برامج التواصل ليفتعل المشاكل بلا جدوى؛ كأن يتهمها بالإهمال (لم يصلني منك تحية صباح، زهرة مزيفة.. قبلة إلكترونية)
هل هذه هي الحياة وهل تهمشت العلاقة لتصل لهذا الحد؟
أو أخت لأخيها
أو أم لأبنائها
أو أبناء لوالديهم
أو صداقات وزمالات متعددة.

هل فقدنا الروابط الإنسانية، بل وتحوَّلت حياتنا لمحض نزاعات فقط من أجل برامج (ابتدعوها هم، ووقعنا نحن بتيارها الجارف؟، هل تخلينا عن عقولنا لهذا الحد، وجمدنا مشاعرنا .. وتركنا لقلوبنا أركان الحياة المظلمة، ولم نعد نقوى حتى على استخدامها؟!
نحن نبتأس ونفترق وهم يجمعون ثراهم على ظهور حياتنا – أوقاتنا – أشلاء مبادئنا التي باتت أساطير.

برمجة الأخلاق
مجرد برامج وتطبيقات صنعها طامعون، ووقع بفخها الجميع
هدمت الاحترام والعطف والبر، وأصبح التطاول صراحة،
وارتفاع الصوت قوة، والعقوق تقدمًا، والكذب حياة.

يا ترى لو عُدنا ذات يوم ومددنا أيدينا إلى الأرفف المغبرة، وأزحنا أتربة الزمن من على عقولنا وقلوبنا ومشاعرنا .. هل ستعمل؟!
أم سيكون عفا عليها الدهر!!
ألسنا محاسبين عن ماكسبت أيدينا وأرجلنا وأعيننا وأسماعنا
ماذا كسبنا؟
وهل حسبنا لما كسبنا؟

غفلة .. تيار .. مسلسل
تدمرت نفسي وبات قلبي لا يفتر عن الألم من أجل عيوني المعلقه بما يملكون ولا أملك، وأنت كذلك وهو وهي، وكل من على الأرض، ولم نحاول أو أحاول يومًا أن أصحو من غفلتي؛ لأن التيار جارف…ولكني أجزم أنه ليس قويًا؛ لأنه وببساطة محض كذب وادعاء ولا أساس له من الصحة، ولا وجود له واقعيًا، وإنما مجرد تمثيل مسلسل ممل وموجع، وروتينه قاتل لا محالة.

قتل فينا حب أنفسنا، وقتل فينا قناعتنا إلا أن الوقت لن يسرقنا،
للخلق بقية؛ فنحن قادرون على التنصل من كل ذاك، لنرجع وننظر خلفنا.
ماذا تركنا؟
مازال هناك متسع لنحمل على عاتقنا قلب موازين التفاهة (وهنا أكرر اعتذاري).
لموازين الوجود الإلهي
لنرمم الشروخ التي أصابتنا جميعًا، ونعود
للحياء
للوفاء
للإباء
للإخلاص
للترابط
للتواضع
للرضا
للقناعة.

رحلة العودة
نعود من رحلتنا القصيرة
التي لم نحظَ فيها بكل ما كان مأمولًا، رحلة غلبها التسول على طرقات حياة ملؤها الخيبة، ومردودها غريب.

من منبري المتواضع كفانا، ويدًا بيد؛ لإحياء عقولنا وحواسنا كافة، لا للمجاهرة بصغار الأمور؛ لنصل لما هو أصغر بكثير.

قال تعالى:
(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتِ)
ونحن وصلنا لحياة بلا زينة، ولم يبقَ من الصلاح شيء.

ساعة اليقظة
تحايلنا باسم المتعة والرفاهية والسعادة، ولم نحصل سوى على تعاسة تغمر قلوبنا وتغمسنا كل لحظة بوجع لا نعلم مداه، ولا منتهاه.

علينا أن نفيق فبرامج التواصل الاجتماعي أغفلتنا وأغلقت عقولنا، ولكن مفاتيح عقل كلٍ منا مازالت متاحة.

لن نتصنع السعادة كذبًا؛ لنكسب من هو أسوأ..وأملي أنها سحابة صيف وزوبعة عابرة، وستنجلي قريبًا.

-——————

@ReemFaleh8

Related Articles

5 Comments

  1. نعم وبشده..

    كفانا، ويدًا بيد؛ لإحياء عقولنا وحواسنا كافة، لا للمجاهرة بصغار الأمور؛ لنصل لما هو أصغر بكثير
    ……..
    مجرد برامج وتطبيقات صنعها طامعون، ووقع بفخها الجميع
    هدمت الاحترام والعطف والبر، وأصبح التطاول صراحة،
    وارتفاع الصوت قوة، والعقوق تقدمًا، والكذب حياة…..
    إستاذه ريم كلمات تتحدث عن واقع مرير وفي الصميم..
    لكي كل الاحترام والتقدير ?

  2. ‏تنوع اطروحاتك وتميز مقالاتك تعطيك رونقاً جميلاً في اعين من حولك ..

    اتمنى لك كل التوفيق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button