(الحرية لا تعني أن تفعل ما تريد، بل أن لا تفعل ما لا تريد)
الحرية هي من صُنع الذات التي لا تكبلها قيود الجهل، ولا تُغريها المهاترات المنادية بالحرية العمياء في متاهات الظلام، بل إنها عين البصيرة التي تُنير الدروب، وتهدي إلى السمو عاليًا بتحقيق الذات، وهي الهدف المنشود لكل مخلوق خُلِقَ حُرًّا، ومن حقه أن يسعى للعيش بقراراته المستقلة بلا قيود تردعه عن تحقيق أحلامه في هذه الحياة، وتحديد مساره، والعمل على رسالته في إعمار الأرض بكل ما ينفعه، وينفع الأجيال القادمة بعلمٍ أو عمل.
تختلف المفاهيم والرؤى في معنى الحرية والسبل للوصول إلى هذه الغاية، ومن الجهل أن تُرى من جانب الانفتاح الفكري الذي لا يتبع منهجية ولا قانون ولا قيم حينما اختلط الحابل بالنابل مع ظهور العولمة وتطور التكنولوجيا، والسعي خلف المطالبين بها بلا رؤى واضحة، ولا دليل قويم، والتي تدعو إلى انحلال الفرد من قيمه ومبادئه ودينه إذا لم يتمسك، ويتمثل بعقائده الدينية والفكرية، وهنا تتضح عراقة القيم في الثبات وعدم الانجراف خلفها؛ وذلك بالتحكم والحكم على الأفعال والأقوال وتبنّي الأفكار لتحديد مفهوم الحريات، كما أنها مسؤولية تنبع من الذات وتطبق بالأفعال وبقمع الظلم عن الآخرين؛ لتتضح الأمور وتكتسي بنور البصيرة، وينطق الحق الصامت معلنًا حريته.
يقول ثوسيديديس: (الحر هو إنسان سعيد، سر الحرية هو الشجاعة).
الشجاعة في أن تكون صادقًا مع ذاتك في فهمها، والوصول إلى تجسيدها بالأفكار على أرض الواقع، وكسر العوائق والقيود التي قد تكون فكرة أو معتقدًا يحبس الشخص نفسه في زنزانة العقل المظلمة، وحينما يسمح للنور بأن يتسرب إلى دهاليزها وتتحد الأفكار والاعتقادات الصائبة بعد أن تبدأ الأخرى بالانحلال كقيود تتكسر من أيادي الأحرار لتتبع روحك النور محلقة بأجنحةٍ من الضياء؛ وكأنها تملك سعة الكون الرحيب.
فالحرية قرار وابتكار وإبداع، وسمو روح خُلِقَت حُرّة.
———————
شاعرة وفنانة تشكيلية إماراتية