قال صاحبي: هل فعلًا أغضبتنا تصريحات المسؤول اللبناني، إذا كانت الإجابة بالنفي، فما الذي أغضبنا إذن، ماذا يريد لبنان منا، وماذا نريد منه، وهل تعامل معنا لبنان بالمثل، كما تفرضه العلاقة بين الدول، وهل تخلَّت السعودية عن لبنان كما يزعم البعض؟
اعتدنا كثيرًا على سماع الإساءات المتكررة من مسؤولين وسياسيين وإعلاميين لبنانيين، وكنا نتعامل معها بالحلم، والشيم، والقيم العربية، ونغلب مصلحة لبنان، الوطن والمواطن، ونترفع عن رد الإساءة بمثلها، أو حتى عن الرد عليها، ونحن نمتلك أدوات الرد الرادعة، -كرمال- أهل لبنان والمصلحة العربية العامة، وكأن هذه الإساءة لم تكن، ولسان حالنا نتعامل معهم بأخلاقنا لا بأخلاقهم.
ولأن اللبنانيين تعاملوا مبكرًا مع وسائل الإعلام، فقد أجادوا تطبيق بعض نظرياته، لصنع الواقع وفق رؤيتهم، وتقديمه للمتلقي على أنه الحقيقية التي لا تقبل الجدل، ومع بروز تصريح المسؤول اللبناني للعلن سارع كهنة الإعلام من اللبنانيين ومن لف لفهم في إنتاج قصص خبرية، أبرزت جانبًا معينًا من الواقع وعزلت بقية الجوانب، فركزت جل تحليلاتهم وبرامجهم ومقالاتهم، وتصريحات مسؤوليهم على الربط بين تدهور علاقاتهم مع السعودية، بما تفوه به أحدهم، مغفلين مع سبق الإصرار جوهر المشكلة.
ومن خلال التأطير الإعلامي المبتسر تمَّت مناقشة الأزمة على الملأ، وبهذا أدراك المتلقي اللبناني على وجه التحديد، والعربي الأزمة كما أرادها الإعلام اللبناني، الذي أغفل منطوق البيان السعودي، وتسبيباته، ولغته الراقية، بطريقة تؤكد على صواب هذا القرار، كما تؤكد أن من يحرك السياسية في لبنان، هو من يصنع أجندة إعلامه!.
لم يُقدم الإعلام اللبناني قراءة منصفة للبيان السعودي؛ الذي تأسف في بدايته على أن تصل العلاقة بين البلدين العربيين لهذه المرحلة، ولم تقدم السبب الحقيقي والذي أعلنه مرارًا وتكرارًا وزير الخارجية السعودي، عن دور حزب الله الإرهابي عبر سيطرته على قرار الدولة اللبنانية، ما جعل من لبنان ساحة ومنطلقًا لتنفيذ مشاريع دول لا تضمر الخير للبنان، كما لم يتطرق الإعلام اللبناني إلى وصف البيان السعودي المقيمين في لبنان، بأنهم جزء من لحمة المجتمع، وبالتأكيد تجاهلت وسائل الإعلام ما ذكره البيان السعودي بأن هذه الإجراءات لحماية أمن المملكة، وهي موجهة للقيادات السياسية، وليس للشعب اللبناني الشقيق.
هل تخلّت السعودية عن لبنان؟ سؤال يجب عنه التاريخ، والمنصفون، والأفعال، والأرقام، فالسعودية تنطلق في علاقاتها مع لبنان من مرتكزات وثواب في السياسية الخارجية السعودية التي تضع العرب في دائرة الاهتمام الأولى، ومن هنا ترتبط المملكة ولبنان بعلاقات تاريخية طويلة ونموذجية على المستويين الرسمي والشعبي، حيث وقفت السعودية مع لبنان في جميع المحطات والمنعطفات والأزمات المختلفة التي مر بها، حتى الوصول لتطبيق اتفاقية الطائف عندما قامت المملكة بمساعٍ توفيقية كثيرة؛ لوقف الحرب وتسوية الصراع اللبناني.
كما لم تتأخر المملكة عن تقديم الدعم اللازم للأشقاء في لبنان، وفتح أسواق العمل والاستثمار أمامهم، ناهيك عن الهبات والمنح والتي ناهزت المائة مليار دولار خلال ثلاثة عقود، قدمت بشكل مباشر وغير مباشر، وتوزَّعت بين استثمارات، ومساعدات ومنح وهبات، وقروض ميسّرة، وودائع في البنوك والمصارف؛ بالإضافة إلى الوقوف بجانب الأشقاء في لبنان لمساعدة منكوبي الانفجار في مرفأ بيروت، هذه هي السعودية تنفتح على جميع الأشقاء اللبنانيين وهو يعكس موقفها الداعم لأمن واستقرار لبنان، وحرصها على تعزيز العلاقات الأخوية مع الشعب اللبناني الشقيق بجميع طوائفه، فالسعودية لا تنظر في أي يد وقعت مساعداتها، الإنسان والإنسان أولًا، بخلاف البعض الذي يقدم مساعداته لفئة أو طائفة أو حزب ليقتل مواطنيه!!
قلت لصاحبي:
تذكر الروايات المتداولة بين الرجال، أن المرأة تريد من الرجل أن يكون المموَّل والمؤمن، والمساعد، والفني، والشاعر الرومنسي، والطبيب النفسي، وأن يمتلك حلولًا سحرية لمشاكلها، ومشاكل أهلها، وصديقاتها،.. أما الرجل فيريد من المرأة أن تدعه في حاله.
وصدق الله العظيم: ﴿قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾