كم عدد الكلمات التي ننطقها في الدقيقة/الساعة/اليوم …..؟، سؤال حضر ببراءته، ووقف بذهوله مثقلًا بتنقله بين صورٍ كلامية ومندهشًا من قدرة البعض على تجسيدها، وممارسة الحضور (غير المنضبط).
فمع ظهور مساحات تويتر وحضورها الطاغي، وسهولة إنشائها وتنوع مواضيعها، وتعدد مشاربها، تتعجَّب من حال البعض أن يكون لديه وقت ونَفَس طويل للمشاركة طوال اليوم متنقلًا من مساحة لأخرى بفضل متابعاته، لا يكلّ ولا يملّ يدلي بدلوه في موضوع النقاش، يدّعي المعرفة في كل فن والإلمام بكل مجال، ويجيد الجدال والاعتراض، مسفهًا لرأي غيره، صانعًا لنفسه مجدًا كلاميًا لا يراه إلا هو ولسان حاله “أنا هنا” ناهيك عن غياب الفائدة.
وإن أعيته الحيل ابتكر عنوانًا، وأنشأ مساحةً تخدم ذائقته وتشبع فراغاته، يقود دفتها ويعزز ضجيجها، مستلقيًا على شاطئ ثرثرة، ويسمعهم كلماتٍ ليست كالكلمات، لا يبدد نشازها إلا ترديد المثل الشعبي: يا صبر الأرض.
وإن كان المثال ينطبق في المجال الرياضي أكثر من غيره، لتوافر عناصر الجذب للجمهور والآراء المتسقة مع الميول، وكونها طريقًا أسرع للشهرة.
بالمقابل نجد هناك صورًا جميلة لذكاء استخدام المساحات كوسيلة فعالة من وسائل الإعلام الجديد لمناقشة مواضيع مهمة وحساسة تخدم المجتمع، ومساحات تسخر لخدمة الوطن في تسليط الضوء على أبرز القرارات الحكومية والمشاريع التنموية ومساحات أخرى تعنى بالشأن السياسي وتتزامن مع أحداث دولية وسياسية، وتهتم بالتحليل والرد على تطاولات مسيئة من جهات خارجية أو جاحدين مؤدلجين أو خارجين خونة جعلوا من أنفسهم أدوات بأيدي أعداء الوطن، وتميَّزت تلك المساحات بتفنيد مغالطاتهم وتعريتهم استنادًا على حقائق وشواهد موثقة، وتغني أحيانًا عن برنامج تلفزيوني كامل في ذات الشأن، وتتميز هذه المساحات المضيئة بالإعداد الجيَّد وتحديد الوقت بداية ونهاية، واستضافة مختصين ومحللين وكتاب ومثقفين مهتمين بموضوع النقاش، وقبل ذلك كله وجود مديرًا للحوار قادر على ضبط مسارات الحديث، وربط الأفكار المطروحة، ومساهمًا في ضبط عدّاد الكلام.
وإن كان من الطبيعي كثرة المساحات وتباين طرحها فقد أصبحت نوافذ إعلامية مهمة تختصر المسافات وتتحدى الأوقات وتلبي الحاجات، حتى وإن توارى السكوت في ثورة الكلام.
كتبت فأبدعت