قالت لي أمي ذات يوم:
ذهب جدك يبايع ..!!!!
لم أدرك ماتعني بقولها ..
ولَم أسألها أكثر ..
كنت صغيرًا.. لا اعرف معنى كثير من الأشياء ..
لكني أتذكر تمامًا حين عاد جدي ..
كان يتوشح عباءته ..
هيبته تشعرك أنه شيخ قبيلة ..
وكنت أظنه كذلك ..
دنوت منه كأني أستجدي أن يضمني إليه ..
وفعل كعادته ..
ومسح على رأسي ..
جلس بمكانه، وسأل عن والدي ..
ثم قال بفخر لوالدتي:
لقد بايعنا الملك ..
لم أفهم ما قال، ولَم أسألهم ..
وبعد سنين مات جدي .. رحمه الله ..
وكبرت أنا .. بدأت أفهم ..
وذات يوم عدت من مدرستي ووجدت أمي تبكي ..
مات الملك ..
وبكيت ..
لا أعلم لماذا إلا أني بكيت لأن أمي تبكي أن مات الملك ..
وبعد أيام رأيت أبي متوشحًا عباءته ..
فسألت أمي ألا يأخذني معه ؟؟؟ ..
قالت: لا.. إنه سيذهب ليبايع الملك ..
ولَم أفهم ..
بالأمس مات الملك ..
واليوم نبايع الملك ..
فسألتها ..؟؟؟؟
فقالت لي: – رحمها الله- ..
اَي بني كان لنا شيخ قبيلة قبل سنين طويلة ..
وكان رجلًا حكيمًا.. شجاعَا.. يحب جدك كثيرًا ..
وذات مساء استدعى رجال القبيلة..
لم يكن عددهم كبيرًا، وقال لهم:
غداً سنذهب نبايع ملكنا ..
سألوه وكيف نبايعه ..
قال لهم: نعاهده على أن نكون تحت رايته سمعًا وطاعة له ..
وقد علم رجال القبيلة ما كان حالهم قبل ملكهم، وما أصبح بعده ..
فذهبوا معه وبايعوا ..
ومنذ ذلك الْيَوْمَ لم نسمع من يصيح بِنَا ليلًا (جاكم القوم) ..
ولا من يصيح برجال القبيلة (تجهزوا للغزو)…
لقد تغير الحال …
تقول أمي:
وذات مساء صحونا من نومنا على من يصيح بِنَا ..
وقد كنّا بدوًا متناثرين في الأرض ..
فزعنا كثيرًا ..
لقد كان تحذيرًا من سيل منقول داهمنا ..
جرف بعض بيوتنا ..
واغنامنا ..وحطبنا ..
وفِي الْيَوْمَ التالي، ومع طلوع الشمس، أخذ رجال القبيلة يحصون خسائر القبيلة ..
وإذ بسيارات ورجال مقبلون من بعيد ..!!!
فسألنا بخشية من هؤلاء ..؟؟؟
فقال لنا شيخ القبيلة هذه معونة من عند الملك ..
عندها فقط علمنا ما معنى مبايعة الملك ..