1️⃣
لن أتحدث في هذا المقال العاجل، عن سيرة الشاعر الرمز سعود بن سحبان الإنسانية، ولا عن سماته الشخصية فربما هناك من الزملاء الكُتّاب من كانوا أكثر قُربًا ومصداقية في تناول تلك الجوانب الشخصية والحياتيّة بحكم قربهم ومعرفتهم به، لكني سأتناول هنا أهم السمات الشاعريّة في مسيرة ابن سحبان.
أول وأهمّ تلك السمات في التجربة الشعرية لسعود بن سحبان أنه برز في أصعب الأجيال الشعرية، ذلك الجيل الذي ندُر ان يبرز فيه أحد، في ظل وجود شعراء مثل الغويد وابن مصلح وصالح اللخمي، وعبدالله البيضاني وابن طوير وابن حوقان الأب وسعيد الأصوك، وهذّال وغيرهم، وهو يذكرني هنا بعبقرية بعض أبطال الأفلام ممن يُعطون أدوارًا ثانويّة في بطولة العمل، فإذا بذلك البطل الثانوي يخطف الضوء ما أن تُدار الكاميرا.
ليكون هو البطل الأول بلا منازع؛ إذ يخطف المكان والأداء وعين الكاميرا، قبل أن يستحوذ استحواذًا كاملًا على عين المتلقي، وهذا بالضبط ما كان يفعله سعود بن سحبان في معظم حفلاته الشعرية.
2️⃣
السمة الشعرية الثانية المهمة، أن ابن سحبان مثله مثل أي مبدع حقيقي، يكره النمطية والتكرار، ولهذا عند العودة إلى جل قصائده، يتضح أنه لايلجأ إلى المفردات المكرورة في الشقر، والمتداولة غالبًا حتى في ذهنية جمهور العرضة، بل يفاجئ الذائقة دومًا بمفردات بكر، لم يطأها أحد من قبله، بل وأتذكر أنني في حديث مع ابنه عبدالواحد، قلت: إن تلك الابتكارية في مفردات الشقر في قصائد والده لا أجدها حتى في قصائد ابنه عبدالواحد، وقد وافقني على ذلك، ليس من باب المجاملة والبرّ، بل من زاوية الوعي الفني بالعملية الشعرية، وأن تلك السمة بالفعل كانت تميز قصائد سعود بن سحبان، الرافض للتكرار، الكاسر للنمط.
3️⃣
ثالث تلك السمات الشعرية، وهو لايقل أهمية عما سبق، هو أصالة قصيدة سعود بن سحبان، وعليكم ان تعودوا إلى كامل أرشيف الشاعر الصوتي، إذ لاتجد قصيدة واحدة لسعود بن سحبان خارج الألحان الأصيلة والأساسية في موروث العرضة اللحني، فهو دائم الحرص على نقاء الموروث اللحني الأصيل في فن العرضة، فكأنما يرى القصيدة واجهة موروثية لقبيلته، ويجب أن تبقى تلك الواجهة دون رتوش أو حتى أدنى تغيير.
أقول بملء الفم والقلم: حتى وإن كان حظ سعود بن سحبان قليل على مستوى الإعلام والجماهيرية، مقارنة بغيره من شعراء جيله، إلا أنه يوازيهم في القيمة الرمزية، وفي الأهمية التاريخية، وأنه حين يذكر تاريخ العرضة الجنوبية نجومه ويشير إليهم بأصابعه، فإن سعود بن سحبان سيكون أحدهم.