يُعد الإعلامي الراحل محمد صابر _يرحمه الله _من المذيعين المتميزين خلقاََ وأدبا وعلماً وعلى ثقافة واطلاع كبير في القضايا الدينية المتخصصة التي يناقشها مع الأطراف الآخرى على مختلف مستوياتهم الفكرية والعلمية. وأيضاً يعد من أقوى المذيعين في مواجهة أصحاب الملل والمذاهب المنحرفة والتي اُبتلي بها للأسف الشديد العالم الإسلامي وخاصة تلك التي تطعن في هذا الدين العظيم، وتهاجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآل بيته الطاهرين، وصحابته الميامين رضوان الله عليهم. فكان يحترق ألماً وكمداً ويزداد صبراً وهو يستمع لأحاديث المعممين الضالين المضلين المبتدعين ومن تبعهم من السذج والغوغاء إضافة إلى الضعفاء بدعاوى منحرفة كاذبة لا أساس لها ولا أصل في الشرع وهي في واقع الأمر ماهي إلا هدم صريح وواضح لهذا الدين القويم من خلال التشكيك في الموروث المقدس والنيل من الثوابت الراسخة، هذا غير التضليل والكذب ومحاولة التأثير على البسطاء في عقيدتهم بخزعبلات وأساطير لم ينزل الله بها من سلطان. وفي كل الأحوال لم يكن يقصد من هذه الحوارات والمناظرات والنقاشات إلا ابتغاء وجه الله وحده، ثم إصلاح أحوال الناس.
وهو في الحقيقة يؤكد ماسبق من خلال تأثره البالغ جدا بما يقول عبر حديثه الصادق حين سكب دموعه أمام المشاهدين والمتابعين حيث قال_ يرحمه الله_: “اللهم بارك لنا وأجرنا على هذه المناظرة، لانبتغي إلا وجهك سبحانك، والله لا نبتغي إلا وجهك، لا نبتغي لا الطائفية، ولا نبتغي أن نكون أفضل، ولا نريد منكم إلا الدعاء فأدعو لنا أن يبارك لنا في أبنائنا، وأن يبارك في عملنا، وأن يبارك لنا فيما نقول وما نقرأ دفاعاً عن دين الله وعن صحابة رسول الله، وعن عرض رسول الله. والله ثم والله لا نقرأ إلا في هذا المجال دفاعاً عن دين الله..لا نبغض أحداً..ولانبغض الشيعة..ولانبغض أي من طوائف..الطوائف غير الإسلامية ولا حتى الديانات غير الإسلامية.. لأننا أمرنا فقط ديناً أن نُحي الأنفس جميعاً، وأن ندعو الناس جميعاً، ونسير على نهج سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم..أيها الشيعة في العالم لاتحسبوا أننا نبغضكم وأن نريد أن ننتصر عليكم فالمسألة ليست نصر بلا هزيمة.. المسألة دين والدين في هذا الكتاب الكريم وفي سنة سيدنا محمد الصحيحة..فلا تستمعوا إلي هؤلاء، وعودوا إلي كتاب الله وسنة نبيه وليعلم الجميع أننا نحبهم في الله ولا نريد منهم جزاءً أوشكوراً ولكن نريد من الله الجزاء والشكور الأوفى، ونريد أن نكون مع محمد وآل محمد وأصحاب محمد واتباع محمد ومع علماء المسلمين الثقاة في كافة البقاع….” وغيره من الحديث المنطلق من القلب.
إن من المؤلم وقوعه على قلوب المسلمين الصادقين مثل هذا الحدث الجلل بوفاة المذيع المخلص الغيور محمد صابر _ يرحمه الله _ وانتقاله إلي الفردوس الأعلى بمشيئة المولى عز وجل عند مليك مقتدر مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً لمذيع لم يتواني تماماً في تقديم كل مايمكن تقديمه من حقائق وأدلة وبراهين تثبت سلامة منهج أهل السنة والجماعة في الدفاع عن كتاب الله وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين وصحابته رضي الله عنهم، وتوضح في الوقت نفسه خطأ مواقف الآخرين في فهم حقيقة أمر هذا الدين الحنيف، ولكن مايخفف هذا المصاب ولله الحمد أنه برحيل هذه الأسد هناك أسود أخرى وبكل ماتملك من علم وقوة وتمكين تنافح وتدافع عن هذا الدين الخالد وعن كتاب الله وسنة رسوله ولن تتوقف أبداً وبإذن الله سبحانه قافلة المخلصين في الأمة الإسلامية؛ للدفاع عن المعتقدات الإيمانية الصادقة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وأنت أيها المذيع الغيور المخلص محمد صابر – يرحمك الله – نشهد الله على أنك كنت تدافع بكل ما تستطيع عن كتاب الله وسنة رسوله محمد وعن آل بيته الأبرار وعن صحابته الكرام رحمك الله رحمة واسعة وغفر لك وأدخلك فسيح جناته.
الله يغفر له ويرحمه ويتجاوز عنه