المقالات

حتى لا نخسر أبناءنا!

(وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)

حوارٌ راقٍ من المولى -عز وجل- لمن بُعث للناس؛ ليتمم مكارم الأخلاق..
فهلا اتعظنا! واتبعنا نهج خالقنا جل في عُلاه، وأخذنا بعين الاعتبار أن الكسب المعنوي وكفالة الانتماء بمراعاة الروح أبقى من أي ماديات..؟

فقد يكافئ الأهل أبناءهم بالهدايا أو الرحلات أو الحفلات..إيجابيًا..أو قد يعرضونهم للأذى الجسدي بالضرب أو الحرمان سلبيًا ..

لكن وقع الكلمات أقوى وأبقى..
التحفيز قد يُغير الحال للأفضل، ويفجر الطموح ويبعث الأمل، ابتسامة ممزوجةٌ بنظرة رحمة وبريق أعينٍ تَنُمّ عن ثقة، له وقعٌ قد تعجز عنه مئات الماديات، وبالمقابل..التوبيخ والعنف اللفظي سيكون له أسوأ الأثر، وقد يخلق من كائنٍ صغيرٍ يتخبط عنصرًا عنيفًا، يحمل بين خبايا نفسه الكره، وربما رغبة الانتقام ..
*******

قد يعارضني الكثير وقد يتهمني آخرون بالمبالغة، وقد يعمم البعض بأننا نشأنا وتربينا على الاحترام والخوف والعقاب.
وإجابتي هنا..
أنا كذلك وكل من هم من جيلي ومن أجيالٍ سبقتنا، لنا من القناعة بأن للأهل سُلّطةً واحترامًا وحق التأديب، ولكن العالم بأسره تغير.
***
فإن كانت أنفسنا انخرطت في قفزات التقدم بكافة معاييره، وتقبلنا مالم يخطر لنا على بال، بل واستجبنا وتجاوبنا، أليس لأبنائنا النصيب من هذا التقدم وهذا التقارب وهذا الاحتواء..؟!
***

عن تجربةٍ شخصية، ولا أُقِرّ أني نجحت أو فشلت، ولكني اكتسبت ترميم خدوش النفس النقية، وإعادة صفائها ونقاء جمالها وجاذبية العيون الصغيرة وبراءتها ..

******
تيار الحياة جارف بل ومرهق ومليءٌ ومزدحم، وفي خِضمْ كل ما نكابده، ونسعى للنجاح فيه من مسؤليات ..
فقدنا العاطفة وراحة النفس بضم فلذاتنا واستنشاق الراحة، وهم بين أيدينا وأعينهم تغمرها الطمأنينه وشفاههم الصغيرة تتسارع بالقُبلات، وعبارات الحب الخالي من التصنع.
***
فلنتراجع قليلًا، ونعود خطوةً صغيرةً للوراء، ونلتفت لنمسك بطرف إصبعنا كفوفهم الصغيرة ولمساتها الناعمة، ونبضات قلوبهم التي لا ملجأ لها سوانا.
***
كي لا نندم عندما لا ينفع الندم، لنبحث عنهم، ونجد انتماءهم وولاءهم ذهب للمجهول، لشخصيات وهميه من خلف شبكات التواصل، ولقيم ومبادئ قد لا نتقبلها ولا نعلم عنها، كي لا نتفاجأ بغربتهم عنّا واستنكارهم لوجودنا، كي لا نُقابل بالرفض لأننا رفضناهم حينما لجأوا لنا وكانوا بحاجتنا..

كي لا نندم على ما رُزقنا به، وفرّطنا فيه بأيدينا.
******
مهما كبر الأبناء، ومهما عَلَتْ المناصب؛ فمازالوا ومازلنا الأحوج لدفء العائلة، ورضا الوالدين ونظرة عطفهم ودعواتهم.

**
وقفة فقط لترميم النفس وإصلاح كسر الخواطر..وتذكير بأن لوقع الكلمة أثرًا كبيرًا، ولنا هنا أن نختار إما الدعم أو الإحباط (وكلٌ منهما يحمل المستقبل ويبني الأنفس).

اللهم جبرًا لخواطرنا، واللهم ارزقنا الحفاظ على جميل نعمك.

نحن أمانةٌ في أعناق أبنائنا وأمهاتنا، والأمانة تتعاقب فرفقًا بأجمل نعم الحياة.

@ReemFaleh8

Related Articles

2 Comments

  1. كم هائل من الكلامات والجمل التي تمس حياتنا فعلا
    حديث شريف
    عن ابن عمر رضي الله عنهما عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه))؛ متفق عليه
    تقبل مروري

  2. لا ادري عن ماذا اعلق!! على اسلوبك الجميل ام على مواضيعك العصرية ام على عفويتك في التعبير الذي يصل للقلب.
    موفقة ماشاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button